مقدمة:
يتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم إلى روسيا الاتحادية للمشاركة في قمة “بريكس” التي تعقد في مدينة قازان. وتأتي مشاركة مصر هذه المرة بحلة جديدة، حيث تعد هذه القمة الأولى التي تشهد حضور مصر كعضو رسمي في التجمع منذ انضمامها بداية هذا العام. يمثل هذا الانضمام خطوة هامة في مسيرة مصر الاقتصادية والسياسية على الصعيد الدولي، حيث تتيح قمة “بريكس” منصة متميزة لتعزيز التعاون بين الدول النامية والصاعدة.
أهمية تجمع “بريكس” كمجموعة اقتصادية ناشئة:
“بريكس” هو تحالف اقتصادي يضم خمس دول هي: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا. تأسس هذا التكتل في عام 2009 بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول الأعضاء. ومع انضمام مصر ودول أخرى، مثل السعودية والأرجنتين، يتوسع نطاق تأثير هذا التجمع ليصبح واحداً من أبرز الكتل الاقتصادية المؤثرة على الساحة العالمية.
يمثل “بريكس” قوة اقتصادية هائلة، حيث تستحوذ دوله على نحو 40% من سكان العالم وما يقرب من 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. من خلال العمل المشترك بين هذه الدول، يسعى التجمع إلى تحقيق توازن اقتصادي عالمي يمكنه أن ينافس التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع. كما قال وارن بافيت: “السعر هو ما تدفعه. القيمة هي ما تتلقاه”، وهو ما يظهر في الجهود التي تبذلها هذه الدول لتعزيز القيمة الاقتصادية.
أهمية انضمام مصر إلى “بريكس”:
انضمام مصر إلى “بريكس” يمثل تحولاً نوعياً في استراتيجية القاهرة الاقتصادية والدبلوماسية. هذا التجمع لا يقتصر على كونه مجرد تكتل اقتصادي، بل هو منصة قوية تمكن الدول الأعضاء من تعزيز حضورها السياسي والاقتصادي على الصعيد العالمي. وبالنسبة لمصر، يفتح هذا الانضمام آفاقاً جديدة للتعاون مع القوى الاقتصادية الصاعدة، ما يساهم في تحقيق أهداف التنمية الوطنية وزيادة فرص الاستثمار.
جون ماينارد كينز كان له رأي واضح عن الأسواق غير المنطقية عندما قال: “يمكن أن يظل السوق غير منطقي لفترة أطول مما تستطيع أن تظل فيه المذيبات.” هذا يعكس أهمية اتخاذ مصر لخطوات ثابتة ضمن تجمع قوي مثل “بريكس” لضمان استمرار نموها واستقرارها الاقتصادي.
مشاركة الرئيس السيسي في القمة:
من المتوقع أن يستعرض الرئيس السيسي خلال أعمال القمة رؤيته بشأن عدد من القضايا الدولية والإقليمية الهامة. وتعتبر هذه المشاركة فرصة للرئيس لتسليط الضوء على جهود مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول “بريكس” وتطوير العمل متعدد الأطراف لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم حالياً.
آدم سميث وصف التحسينات الاقتصادية بأنها تأتي من تقسيم المهام المعقدة إلى مهام بسيطة، قائلاً: “تقسيم المهام المعقدة إلى مهام بسيطة، والتي يمكن للمرء أن يصبح خبيراً فيها، هو المصدر لتحقيق أقصى قدر من التحسن في القوى الإنتاجية للعمل.” هذه الفكرة تتطابق مع رؤية الرئيس السيسي في تعزيز التعاون المتخصص بين الدول الأعضاء.
التعاون بين دول “بريكس” والفرص الاقتصادية لمصر:
إن قمة “بريكس” تتيح لمصر فرصاً اقتصادية كبيرة، خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والتنموي المشترك. تجمع “بريكس” يوفر لمصر منصة لزيادة فرص الاستثمار والتجارة مع دول كبرى مثل الصين والهند، التي تعد من أكبر الاقتصادات العالمية نمواً. وفي ظل التحولات الاقتصادية العالمية، يمثل التعاون بين دول الجنوب-الجنوب إحدى الركائز الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة لمصر والدول النامية الأخرى.
ألفريد مارشال كان يرى في تعقيد الأمور الاقتصادية أن “كل جملة قصيرة عن الاقتصاد خاطئة في جوهرها”، مما يشير إلى أهمية استراتيجيات طويلة الأمد ومفصلة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر ودول “بريكس”.
مصر في قلب التحولات الدولية:
إلى جانب مناقشة القضايا الاقتصادية، سيشارك الرئيس السيسي في قمة “بريكس بلس”، التي تضم الدول الصديقة والمؤثرة على التجمع. سيسلط الرئيس الضوء على موقف مصر الثابت بشأن القضايا الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الجهود المصرية المتواصلة لتحقيق التهدئة في الصراعات الإقليمية. تمثل هذه المشاركة فرصة للرئيس السيسي لتعزيز الدور المصري كقوة إقليمية تعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، قال لورانس ج. بيتر: “تعريف الخبير الاقتصادي: إنه خبير سيتمكن غدًا من شرح سبب عدم حدوث الأشياء التي تنبأ بها.” هذا يعكس التحديات التي تواجه الاقتصاديات العالمية، والتطورات غير المتوقعة التي قد تتطلب تدخلات سريعة من قبل الدول الأعضاء في التجمعات الكبرى مثل “بريكس”.