خلال احتفالية خاصة بمجلس كنائس الشرق الأوسط، ألقى القس الدكتور رفعت فكري، الأمين العام المشارك للمجلس، كلمة مؤثرة تناول فيها جوانب عدة من أهمية الوحدة والتعددية في الكنيسة والمجتمع. وفيما يلي نص الكلمة الكاملة التي ألقاها القس رفعت فكري:
نص الكلمة:
قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني،
الدكتور القس أندريه زكي،
غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق،
سيادة الأرشمندريت ذمسكينوس الأزرعي نائبًا عن البابا ثيؤدورس الثاني،
سيادة المطران سامي فوزي،
سيادة الدكتور ميشال عبس،
أصحاب الغبطة والسيادة وأصحاب النيافة،
الآباء الكهنة وحضرات القسوس،
السيدات والسادة الحضور الكريم،
أود في بداية كلمتي أن أتقدم بخالص الشكر لقداسة البابا تواضروس الثاني على رحابة صدره واستنارة عقله واتساع فكره وانفتاحه على العمل المسكوني وترتيبه لهذه الاحتفالية المتميزة.
أما بشأن الجمعيات العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، فالجمعية العامة هي السلطة الرئيسية والعليا في مجلس كنائس الشرق الأوسط وتجتمع بشكل دوري كل أربع سنوات. وتتألف من رؤساء الكنائس الأعضاء ومندوبين تعينهم الكنائس التي تؤلف العائلات الكنسية الأربع. منذ تأسيسه، عقد مجلس كنائس الشرق الأوسط حتى الآن اثنتي عشرة جمعية عامة منها 8 في قبرص و2 في لبنان وواحدة في الأردن وواحدة في مصر.
وفي حقيقة الأمر، إنني لا أستطيع أن أخفي انحيازي لآخر انعقاد للجمعية العامة في مصر، ليس لأنني كنت حاضرًا فيها، ولكن لارتباطي بالكنيسة المصرية بصفة عامة وبحبي لبلدي الحبيب مصر.
مصر التي قال عنها صلاح جاهين:
“على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
باحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب
وباحبها وهي مرمية جريحة حرب”
مصر التي كتب عنها شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته الشهيرة “مصر تتحدث عن نفسها”:
“وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً
كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي
وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدَهر
كَفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي
أَنا تاجُ العَلاءِ في مَفرِقِ الشَرق
وَدُرّاتُهُ فَرائِدُ عِقدي
أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي
لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي”
لذا سأعطي لحضراتكم فكرة عامة عن الجمعية العامة التي عقدت في مصر.
عُقدت الجمعية العامة الثانية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط في الفترة من 16 إلى 20 مايو 2022 بمركز لوجوس البابوي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، برئاسة رؤساء العائلات الكنسية الأربع وأمانة الدكتور ميشال عبس، الأمين العام للمجلس.
ومما هو جدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها مصر الجمعية العامة للمجلس منذ أن تأسس عام 1974.
وبكل ترحاب وحفاوة وبكل كرم وسخاء وعطاء، قام قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني باستضافة المشاركين، مهيئًا لهم كل سبل الراحة والهدوء والبهجة طوال مدة إقامتهم في مصر. كما قام الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، بدور كبير في المساهمة لإنجاح أعمال الجمعية العامة.
ومما أثلج صدور المجتمعين بوادي النطرون استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية للبطاركة ورؤساء الكنائس المتعددة في بلدان الشرق. شدد الرئيس خلال المقابلة على أن المواطنة والحقوق المتساوية للجميع هي قيم ثابتة تمثل نهج الدولة المصرية تجاه جميع المواطنين، وهو ما ترسخه الدولة من خلال ممارسات فعلية وواقعية في جميع مناحي الحياة في مصر، لتعظيم تلك القيم الإنسانية من السلام والمحبة وعدم التمييز لأي سبب، ونشر ثقافة التعددية وحرية الاعتقاد، وفي المقابل مكافحة التعصب والتشدد.
وأكد الرئيس السيسي أن المسيحيين في جميع الدول العربية هم جزء أصيل من نسيج المجتمع العربي، كما استعرض الرئيس خلال اللقاء ما تم في مصر من ترميم العديد من الآثار والمواقع والكنائس المسيحية الأثرية الزاخرة بالمخطوطات والأيقونات التاريخية الفريدة، فضلًا عن مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة في إطار الاهتمام بحماية التراث المسيحي المصري.
كان هذا ملخصًا لآخر جمعية عامة للمجلس عقدت في مصر، وما أود أن أقوله في ختام كلمتي هو أن جوهر التعددية موجود في صلب إيماننا المسيحي. فالكتاب المقدس واحد، ولكن كتبه حوالي 40 شخصًا مختلفي الثقافات والخلفيات.