في خطوة تمثل تحولًا مهمًا في هيكلة الأجهزة الأمنية المصرية، عُين اللواء عباس كامل مستشارًا لرئيس الجمهورية ومنسقًا عامًا للأجهزة الأمنية، وهو منصب يشابه إلى حد كبير دور مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، الذي تولاه أسماء بارزة في السياسة الأمريكية مثل هنري كيسنجر وكونداليزا رايس ودونالد رامسفيلد وديك تشيني. هذه الخطوة تؤكد أن اللواء عباس كامل، الذي قاد جهاز المخابرات العامة في أصعب الفترات، يتمتع بثقة كبيرة من القيادة السياسية في مصر، وأنه سيتولى دورًا محوريًا في تنسيق جهود الأمن القومي في مرحلة تشهد تحديات إقليمية ودولية غير مسبوقة.
ترتيب جديد للأجهزة الأمنية
يأتي تعيين اللواء عباس كامل كمنسق عام للأجهزة الأمنية في ظل ترتيبات جديدة للأمن القومي المصري. المنصب الذي تولاه ليس استبعادًا أو إطاحة كما قد يحاول البعض تصويره، بل هو تصعيد لشخصية أمنية مؤهلة للتعامل مع التحديات المتزايدة التي تواجه البلاد. المقارنة هنا واضحة؛ مستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة كان دائمًا يحتل دورًا استراتيجيًا مهمًا، ولم يُعتبر يومًا مجرد خروج من دائرة القرار، بل كان مسؤولًا عن التنسيق بين الأجهزة الأمنية وضمان انسجام العمل بينها لحماية المصالح القومية.
اليوم، المنطقة تعيش في خضم تغيرات كبيرة، بدءًا من حرب السابع من أكتوبر 2023 التي أدخلت الشرق الأوسط في حالة من الصراع الإقليمي، مرورًا بتدخلات القوى الدولية، وانتهاءً بتوترات قد تؤدي إلى تصاعد الحرب بالوكالة في عدة جبهات. هذا المشهد المعقد يتطلب شخصية مثل اللواء عباس كامل لتنسيق العمل بين مختلف الأجهزة الأمنية المصرية من أجل حماية استقرار البلاد ومصالحها الاستراتيجية.
قيادة جهاز المخابرات في أصعب الفترات
تولى اللواء عباس كامل رئاسة جهاز المخابرات العامة في فترة حافلة بالتحديات، خصوصًا خلال الحرب على الإرهاب التي استطاعت مصر فيها أن تحقق انتصارًا واضحًا. قاد الجهاز أيضًا في مواجهة صراع إقليمي مع تركيا وقطر، وصولًا إلى تسوية الصراعات الإقليمية التي أثبتت قدرة الدولة المصرية على الحفاظ على مصالحها وسط تعقيدات الساحة الدولية. كما كانت له بصمات واضحة في ملفات إقليمية أخرى مثل أزمة شرق المتوسط وليبيا، وهي انتصارات لا يمكن إنكارها إلا من قبل من لا يرون سوى النصف الفارغ من الكوب.
تاريخ حافل بالإنجازات
مسيرة اللواء عباس كامل المهنية تشهد على نجاحاته المتعددة في المجالين العسكري والاستخباراتي. بدأ حياته ضابطًا في سلاح المدرعات، ومن ثم انتقل للعمل في المخابرات الحربية، حيث تدرج في المناصب حتى أصبح مدير مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية بين 2010 و2012. ثم واصل العمل إلى جانبه عندما كان وزيرًا للدفاع بين 2012 و2014، ومن بعدها مديرًا لمكتب رئيس الجمهورية حتى عام 2018. كل هذه المناصب أكسبته خبرة عميقة في الملفات الأمنية والاستراتيجية، ما جعله أحد أبرز الأسماء المؤثرة في الساحة الأمنية المصرية.
بالإضافة إلى خبرته المحلية، شغل اللواء عباس كامل منصب مساعد الملحق العسكري المصري في التشيك، وهي تجربة أضافت بُعدًا دوليًا لمسيرته المهنية وجعلته قادرًا على التعامل مع التحديات الأمنية من منظور عالمي.
منصب جديد ودور استراتيجي
تعيين اللواء عباس كامل كمنسق عام للأجهزة الأمنية ومستشار لرئيس الجمهورية يمثل نقلة نوعية في عمل الأجهزة الأمنية المصرية. هذا المنصب يتيح له تنسيق الجهود بين مختلف الأجهزة الأمنية لضمان أعلى مستوى من الكفاءة في مواجهة التحديات الأمنية التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. في ضوء ما يحدث من تغيرات إقليمية ودولية، وخاصة بعد اندلاع الحرب الإقليمية في أكتوبر 2023، يُتوقع أن يلعب اللواء عباس كامل دورًا محوريًا في ضمان حماية الأمن القومي المصري.
اللواء حسن محمود رشاد: قيادة جديدة لجهاز المخابرات
من جهة أخرى، جاء تعيين اللواء حسن محمود رشاد رئيسًا لجهاز المخابرات العامة المصرية ليُكمل حلقة التغيير. رشاد، الذي تخرج في الكلية الفنية العسكرية وتدرج في المناصب داخل جهاز المخابرات العامة، يعتبر أول رئيس للجهاز من داخله منذ فترة طويلة. على عكس السابقين، الذين كانوا غالبًا من أبناء المخابرات الحربية مثل زكريا محيي الدين وعلي صبري ومراد موافي، فإن تصعيد اللواء حسن رشاد يمثل تقديرًا لقيادات الجهاز من داخله ويعكس الثقة في الكفاءات الوطنية المتخصصة في هذا المجال.
عهد جديد من التحديات
التغيير الذي شهدته الأجهزة الأمنية في مصر يعكس رؤية القيادة السياسية لتجديد الدماء وتطوير الأداء في مواجهة التحديات الراهنة. التحديات الإقليمية المتزايدة، سواء في ليبيا أو شرق المتوسط أو حتى الصراعات الدولية، تفرض على مصر أن تكون دائمًا في حالة يقظة، وأن تعتمد على قيادات قادرة على قراءة المستقبل واتخاذ قرارات استراتيجية تحمي المصالح القومية.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي عودنا على عدم الجمود في كل ولاية رئاسية، أظهر مرة أخرى أن نجاح القيادات في أدوارهم السابقة يُكافأ بتصعيدهم لمناصب أعلى، تمامًا كما حدث مع اللواء عباس كامل. هذا التصعيد ليس فقط مكافأة لنجاح الماضي، بل هو ثقة في القدرة على مواصلة النجاح في المستقبل.
خاتمة
إن تعيين اللواء عباس كامل مستشارًا لرئيس الجمهورية ومنسقًا عامًا للأجهزة الأمنية يعد خطوة استراتيجية تتناسب مع المتغيرات الراهنة في الساحة الإقليمية والدولية. اللواء كامل قاد جهاز المخابرات العامة في أوقات عصيبة وأثبت قدرته على التعامل مع أصعب الملفات الأمنية، واليوم يُعهد إليه بدور جديد يتطلب تنسيقًا عالي المستوى بين مختلف الأجهزة الأمنية في البلاد. مع التحديات المتزايدة، يبقى اللواء عباس كامل رمزًا للاستقرار والقوة في حماية أمن مصر القومي، جنبًا إلى جنب مع القيادة الجديدة لجهاز المخابرات العامة التي يمثلها اللواء حسن محمود رشاد.