أكد الدكتور سامح فوزي، كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية وعضو لجنة تطوير الإدارة الثقافية وتشريعاتها بالمجلس الأعلى للثقافة، أن المشاركة الفعالة للشباب ترتبط بشكل وثيق بوجود مؤسسات قوية وفعالة تتيح لهم فرص التعلم والتكوين والتمكين. جاءت هذه التصريحات خلال كلمته التي ألقاها في ملتقى المجتمع المدني الذي نظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان، حيث تمحورت المداخلات حول أهمية تعزيز دور الشباب في المجتمع المدني.
أهمية التربية المدنية
وأوضح الدكتور فوزي أن مشاركة الشباب يجب أن تبدأ مبكرًا من خلال التربية المدنية التي يتم تعليمها في المدارس. وأشار إلى أن هذه التربية تهدف إلى غرس قيم الحوار والتعاون والمشاركة وقبول الآخر في نفوس النشء. وقد تساءل: “هل ننتظر أن يصل الشاب إلى العشرين من عمره حتى نضعه على طريق المشاركة؟” وهذا التساؤل يعكس رؤيته حول ضرورة إدخال مفاهيم المشاركة المدنية مبكرًا في مناهج التعليم، ليكون الشباب على دراية تامة بحقوقهم وواجباتهم في المجتمع.
دور الجمعيات الأهلية في تعزيز التطوع
كما تناول الدكتور فوزي دور الجمعيات الأهلية في تعميق ثقافة التطوع لدى الشباب، مشيرًا إلى كيفية تأثير مشاركتهم في مشروعات ومبادرات التنمية على شعورهم بالارتباط بهذه المشروعات، مما يعزز من إيمانهم بأهمية الحفاظ عليها. وأكد على أنه في عام 2022، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أن يكون عامًا للمجتمع المدني، وتساءل: “هل استفدنا من ذلك في دفع الشباب نحو مزيد من المشاركة في العمل الأهلي؟” وهو ما يستدعي تحليلًا عميقًا للخطوات التي اتخذت في هذا الاتجاه.
أهمية الأحزاب في تدريب الشباب
ودعا فوزي الأحزاب السياسية إلى ضرورة تكوين وتدريب الشباب، مع فتح آفاق المشاركة الدائمة أمامهم، وعدم الاكتفاء باستدعائهم في المواسم الانتخابية فقط. حيث أشار إلى أنه يكفي أن هناك أكثر من مليون شاب ينضمون سنويًا إلى كشوف الانتخابات، مما يجعل هناك مسؤولية كبيرة على الأحزاب للعمل بجدية مع هذه الفئة. كما أشار إلى أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة شهدت حضور سبعة ملايين ناخب جديد من الشباب، مما يدل على رغبتهم القوية في المشاركة الفعالة، رغم أنهم يحتاجون إلى مزيد من التثقيف والتكوين والتمكين.
دعوة للإعداد للانتخابات المحلية
وفي ختام كلمته، دعا الدكتور سامح فوزي إلى أهمية الإعداد لعقد الانتخابات المحلية بعد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ العام المقبل، مشيرًا إلى أن المجالس المحلية تمثل مجالًا حيويًا يتعلم فيه الشباب كيفية صناعة القرار على المستوى المحلي. ومن خلال هذه المجالس، يمكنهم أن ينتقلوا إلى أدوار أكثر تأثيرًا على المستوى القومي، مما يسهم في بناء مجتمع مدني قوي ومتفاعل.
إدارة النقاش ومشاركة الحضور
أدار النقاش الدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي أشرف على إعداد الملتقى. وقد شهدت الجلسة مشاركة عدد من الخبراء وأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب وقيادات الأحزاب ومؤسسات العمل الأهلي، حيث بلغ عدد الحضور أكثر من خمسمائة مشارك. يعكس هذا العدد الكبير من المشاركين أهمية هذا الحدث في تعزيز التفاعل والحوار حول قضايا الشباب والمجتمع المدني.
خلاصة
دعوة الدكتور سامح فوزي للمشاركة الفعالة للشباب تأتي في سياق الحاجة الملحة إلى تعزيز مؤسسات قوية تدعم هذه المشاركة، بدءًا من المدارس وصولاً إلى الحياة السياسية. إن العمل على تعزيز ثقافة التطوع، وتدريب الشباب، وإعدادهم للمشاركة الفعالة في المجالس المحلية، يعد خطوة أساسية نحو بناء مجتمع أكثر تفاعلاً واستدامة.