أيقونة مصرية خالصة، تعرفت عليها من خلال معزوفة منشوراتها التي كانت مناجاةً لرفيق عمرها الراحل، الكاتب الصحفي الكبير رجائي الميرغني، عبر منصة التواصل الاجتماعي (فيسبوك). لم أكن أتوقع أن هذه السيدة التي عرفتها من خلال كتاباتها الحزينة والعميقة، ستكون يومًا جزءًا من واقعي، حتى فوجئت بها تلبي دعوتي العامة لحضور حفل توقيع ديواني “فضلة خير المواجع”. يومها، أدركت أنني لا أتعرف فقط على شخص جديد، بل ألتقي بمصر الأصيلة المتجذرة في عمق التاريخ، والتي تجسدت في شخص الأستاذة خيرية شعلان.
في ذلك اللقاء، رأيت مصر القديمة والعريقة، التي تمتزج فيها روعة الحضارات المصرية القديمة، والمسيحية، والإسلامية، والعربية، والمتوسطية. كلها تتناغم في شخصها بغير تعارض أو تنافر، مثل نهر النيل الذي ينساب بهدوء وحكمة، محملاً بطمي الخصوبة والخير. في خيرية شعلان، وجدت نهرًا آخر من الوفاء والحنان، حيث كانت تُحيينا يوميًا بكلماتها وصورها التي تبقي رفيق عمرها حيًا بيننا، وتجعل حياتنا أثراها وأعمق. كانت خيرية شعلان تشتعل فينا خيرًا، نلجأ إليها لدفء كلماتها، ونقتبس منها الضياء في عالم يضيق على الإنسان بين قسوة الجليد وحرارة النار.
خيرية شعلان، هذه السيدة التي ظلت توقد فينا نورًا وخيرًا، هي تجسيد لمصر التي دائمًا تنهض من كبواتها، فتيةً، عفيفةً، قويةً. محبتنا لها وإجلالنا لشأنها هما أقل ما نقدمه لها، ونتمنى أن تكون محبتنا هذه ترياقًا يعينها على النهوض من كبوة مرضها الآني، كما قامت مصر دائمًا من كبواتها. ألف سلامة لمصر في خيرية شعلان، تلك الشخصية التي تمثل نسيج مصر المتعدد الأبعاد والمدهش.
إن كنت تتساءل عن سر عظمة مصر، عليك أن تتأمل في شخصية خيرية هانم شعلان. هي تجسيد حي لمصر بأساطيرها وتاريخها، ذلك المزيج الذي حاول الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة تجسيده في رائعته الدرامية “حسن أرابيسك”. شخصيتها الحلوة الحاضنة، الوفية، الحرة، المؤمنة، والعفيفة هي مصر الحقيقية التي نورت حياتنا، وستظل تنيرها دائمًا.