وَظُلمُ ذَوى القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً/ عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ (من شعر طرفة بن العبد).
من نصرَ أخاهُ بالغيبِ (حديث شريف)، والمُرادُ بنُصرتِه بالغَيبِ أنْ يَمنعَ غِيبتَه، بل يَدفَعُ عنه ذلك.
هذا عن نصرته بالغيب، وماذا عن نصرته وهو فى أتون الحرب، والعدو الغاصب يترصده، ويقصفه، ويغتال شيوخه، ويقتل أطفاله ونساءه، ويمارس فيهم أبشع حروب الإبادة التى تفصح عنها مجازر غزة والضاحية..
للأسف، بين ظهرانينا من يمكن تسميته تجاوزا «الطابور الصهيونى الخامس» الصهاينة العرب لا يكتفون برفض كل ما تمثله حماس وحزب الله كمقاومة (شرعية)، لكنهم ينحازون بفجور يجاوز السفور لمنطلقات الدولة العبرية البربرية.
ولا يبكون حتى بدمع هتون، ولا يأبهون بالمجازر التى ترتكبها قوات الاحتلال تحت غطاء أمريكى فاجر، وبفجور يدينون حماس، ويجلدون ظهر حزب الله، ويغضون البصر عن المجازر الإسرائيلية، صحيح اللى اختشوا ماتوا عرايا من الخجل!!.
عموما، كله مسجل ومكتوب، والتاريخ لا يرحم، وكل يختار موقعه من الإعراب الوطنى، البعض برز سافلا سافرا بأجندة صهيونية، والبعض أقل سفورا فى دثار عباءة وطنية، يرتديها على اللحم العارى أخلاقيا..
احتراز وجوبى، كتاباتى وكتبى تشهد بموقفى من حماس (إبان 25 يناير 2011) وما بعدها، ومعلوم للكافة رفضى لكل ما صدر عنها فعلا مذموما وقولا مرفوضا.. كونها جناحا إخوانيا يرتدى الكوفية الفلسطينية.
وجب التمييز الظرفى، ظرف حال المعركة، الموقف من حماس (وكذا حزب الله) فى حالة المساس بالأمن القومى المصرى رفضا وإدانة واجب مستوجب على كل مصرى غيور.
والموقف من المجازر الإسرائيلية لأهلنا فى غزة والضاحية يستوجب موقفا أخلاقيا، ليس رافضا فحسب، لكن داعما للمرابطين فى غزة، لأسباب إنسانية، وأخرى متعلقة بالأمن القومى المصرى جهة الحدود الشرقية..
الدفاع عن أهلنا فى غزة لا يترجم تماهيا مع حماس ومنطلقاتها الإخوانية، ودعم المقاومة فى الجنوب اللبنانى لا تترجم دعما للمخططات الإيرانية فى المنطقة، فحسب دعما للقضية الفلسطينية، وعطفا على المنكوبين والرضع الخدج، فضلا عن الوقوف صفا واحدا ضد تجبر الدولة العبرية.
ويقينى، من المحرمات الأخلاقية قبل الوطنية، استفادة الآلة الإعلامية لجيش الاحتلال من كلمة أو موقف مصرى أو عربى يصدر هنا أو هناك فى سياق رفض كل ما تمثله حماس إخوانيا، أو حزب الله إيرانيا، يبنى عليها الاحتلال حكيا بغيضا، ويقال إن همجية وبربرية الاحتلال لها مساندون فى مصر والعالم العربى، وتقيم بها الحجة علينا، والحد على الأبرياء فى غزة والضاحية.
مقتبس من حديث رسول الله «إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام».
هذا هو الحرام الوطنى بعينه، موقفنا من حزب الله وما يمثله إيرانيا، وموقفنا من حماس رفضا لمًا تمثله إخوانيا، وسوابقهما (الحزب وحماس) ضد مصر، يصح فى وقته، وفى سياق معادلة وطنية، لا يخدم أبدا على الأهداف المعلنة من جيش الاحتلال بتصفية القضية، ولا يستفيد منها دعاة الحرب وهم يقتلون الأطفال، ولا نقدم لنتنياهو دعما مجانيا.. وهذا من المحرمات الوطنية.
واتساقا مع القول النبوى الشريف إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس. وللأسف الصهاينة العرب يعلمون، ويزايدون علينا تطبيعا، يقترفون الحرام الوطنى وهم يعلمون!.