في تصعيد جديد، خرج محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قائد ميليشيا الدعم السريع في السودان، بتصريحات مثيرة اتهم فيها الجيش المصري بالغدر، مدعيًا أن مصر استهدفت ميليشياته في منطقة جبل موية بولاية سنار دون سابق إنذار. حميدتي، الذي يعد أحد أبرز تجار المرتزقة في إفريقيا، لم يتوقف عند هذا الحد، بل واصل ادعاءاته ضد مصر في محاولة لتوريطها في الحرب السودانية الجارية، مستخدمًا لغة الابتزاز والتهجم.
حميدتي: تاجر المرتزقة وناهب ثروات السودان
منذ بروز دوره في الصراع السوداني، بات حميدتي معروفًا ليس فقط بقيادته لميليشيا الدعم السريع، بل أيضًا باعتباره أحد أبرز الشخصيات التي سعت للثراء السريع من خلال نهب ثروات السودان، وخاصة الذهب. تاجر المرتزقة الذي لا يتردد في بيع خدماته لأي طرف قادر على الدفع، استخدم ثروته ونفوذه لتعزيز مكانته داخل السودان وخارجه.
وفي سياق الصراع الحالي، يبدو أن حميدتي يوجه اتهاماته لمصر في محاولة لتغطية فشله في إدارة الحرب التي يديرها ضد الجيش السوداني وضد مصالح بلاده. فالجنرال الذي انقلب على جيشه ووطنه، باع السودان في صفقات مشبوهة، محاولًا تقسيمه ونهب موارده لصالح ميليشياته والمقربين منه.
ادعاءات باطلة: مصر والجيش السوداني
حميدتي زعم في تصريحاته الأخيرة أن مصر “غدرت” به وبميليشياته عبر هجمات جوية مفاجئة، مضيفًا أنه “صبر” على مصر التي وصفها بالتدخل في الشؤون الداخلية السودانية. هذه الادعاءات ليست سوى محاولة واضحة من حميدتي لتشويه صورة مصر، التي لطالما كانت تسعى لدعم الاستقرار في السودان، رغم التجاوزات التي تقوم بها ميليشياته.
الغريب في الأمر أن حميدتي، الذي باع بلده، يدعي اليوم أن مصر تتدخل في شؤون السودان، في حين أنه الشخص نفسه الذي سبق وباع خدماته لكل من إثيوبيا وإسرائيل والولايات المتحدة لتحقيق مصالحه الضيقة. فكيف لشخص مثل حميدتي، الذي لطالما سعى وراء الصفقات السرية والاتفاقيات المشبوهة، أن يتهم مصر بالخيانة؟
مصر والالتزام بحسن الجوار: الواقع والتحديات
مصر، الدولة التي تستضيف الآلاف من السودانيين وتتعامل معهم كإخوة وجيران، ليست بحاجة إلى ضرب حميدتي أو ميليشياته بالخداع أو الغدر. مصر تتمتع بجيش قوي وقيادة حكيمة، وإذا أرادت التدخل بشكل مباشر، لكانت فعلت ذلك بشكل صريح وواضح. ولكن مصر اختارت حتى الآن سياسة ضبط النفس والحفاظ على استقرار المنطقة، خوفًا على الشعب السوداني ومراعاة للعلاقات التاريخية بين البلدين.
تصريحات حميدتي الأخيرة يمكن تفسيرها كمحاولة جديدة لابتزاز مصر، وتوريطها في مواجهة عسكرية مباشرة. فالرجل، الذي فشل في إدارة ميليشياته بشكل صحيح، يسعى الآن لتوسيع الصراع وإقحام مصر في حرب لا تخدم سوى مصالحه الشخصية. هذه التصريحات تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تحاول مصر جاهدة دعم الجهود الدولية لإحلال السلام في السودان، ومساعدة الشعب السوداني على تجاوز محنته.
الرد المصري الرسمي: توضيح الحقائق ودحض الأكاذيب
وزارة الخارجية المصرية لم تتأخر في الرد على تصريحات حميدتي. في بيان رسمي، نفت مصر بشكل قاطع المزاعم التي أطلقها قائد ميليشيا الدعم السريع. وجاء في البيان: “تنفي وزارة خارجية جمهورية مصر العربية المزاعم التي جاءت على لسان محمد حمدان دقلو قائد ميليشيا الدعم السريع بشأن اشتراك الطيران المصري في المعارك الدائرة بالسودان الشقيق”.
البيان أكد أن مصر تعمل على وقف الحرب في السودان وحماية المدنيين وتعزيز الجهود الإنسانية، مشيرًا إلى أن هذه المزاعم تأتي في وقت تعمل فيه مصر على تعزيز الاستقرار في السودان ودعم وحدة أراضيه. كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى التحقق من صحة هذه الادعاءات الباطلة والوقوف على الأدلة الحقيقية.
مصر وسياستها المتزنة تجاه السودان
مصر لطالما سعت لحل الأزمة السودانية بالطرق الدبلوماسية. ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان، اتخذت مصر موقفًا محايدًا، يسعى لدعم الاستقرار والسعي لتحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة. بينما حاولت بعض الأطراف الإقليمية والدولية استغلال الصراع لأغراض خاصة، كانت مصر دائماً في طليعة الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع والحفاظ على سلامة الشعب السوداني.
ومع تزايد الضغوط على حميدتي داخليًا وخارجيًا، يبدو أنه يحاول استخدام مصر ككبش فداء لتبرير فشله في قيادة ميليشياته وتحقيق نصر عسكري. ولكن الحقيقة واضحة: مصر ليست طرفًا في هذه الحرب، ومصر لم تتدخل إلا لدعم الشعب السوداني في مواجهة الكارثة الإنسانية التي تسببت فيها هذه الحرب.
الخلاصة: محاولة ابتزاز مصر وتوريطها لن تنجح
في النهاية، ما يفعله حميدتي ليس إلا محاولة لابتزاز مصر وتوريطها في صراع لا يخدم إلا مصالحه الخاصة. مصر، بدورها، لن تنجر وراء هذه الاستفزازات، وستواصل دعمها للسودان كدولة شقيقة، مع التركيز على تحقيق السلام والاستقرار. تصريحات حميدتي ليست إلا محاولة يائسة لتشويه صورة مصر في وقت يواجه فيه ضغوطًا هائلة من الداخل والخارج.
مصر، التي تحملت الكثير من التجاوزات، ما زالت حتى اللحظة تعطي الفرصة لعودة الاستقرار في السودان، وتجنب أي تدخلات عسكرية قد تزيد من تفاقم الأوضاع. ولكن إذا ما استمر حميدتي في تحريضه ومهاجمته لمصر، فسيكون أول من يدفع ثمن هذه التصرفات غير المسؤولة.