الأقباط يساوون بين الذكر والأنثى في الميراث

في خطوة شجاعة تُعيد الاعتبار لقيم العدالة والمساواة، أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمسكها الكامل بتطبيق قانون الإرث القبطي، الذي ينص على المساواة الكاملة بين الذكر والأنثى في الميراث.

هذه الممارسة ليست وليدة اللحظة، بل تنبع من تراث روحي وإنجيلي عميق، راسخ في ضمير الكنيسة وتعاليمها. فالميراث في الشريعة المسيحية ليس قضية جنس أو تفضيل، بل قضية عدالة نابعة من مبدأ أن كل البشر متساوون أمام الله. وقد اعتادت الكنيسة على تسوية مسائل التركات داخل الأطر الرعوية، خاصة في ظل التوافق الأسري، فتلجأ كثير من العائلات المسيحية إلى الكهنة والأساقفة لتوزيع الإرث حسب القانون الكنسي، بعيدًا عن المحاكم المدنية.

وتنص القاعدة الكنسية على أن “الذكر والأنثى سواء في الميراث”، وهو ما يعكس توجهًا اجتماعيًا وإنسانيًا راقيًا، يحترم المرأة ويمنحها كامل حقوقها باعتبارها شريكة للرجل في الحياة، كما في الميراث. فالمسيحية منذ بداياتها لم تميّز بين الرجل والمرأة في الكرامة، بل أعلنت في رسائلها أن “ليس ذكر ولا أنثى… لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع”.

وتلقى هذا النهج الكنسي دعمًا واسعًا داخل المجتمع القبطي، لا سيما من المثقفين والحقوقيين الذين اعتبروا أن الكنيسة تؤكد استقلاليتها وخصوصيتها في قضايا الأحوال الشخصية، دون أن تصطدم بالقانون، بل ضمن أطره، مادامت التوزيعات تتم بموافقة الأطراف وبإرادة حرة.

في الوقت ذاته، تنتظر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إقرار قانون الأحوال الشخصية الجديد للمسيحيين، والذي يُنتظر أن يُقر قريبًا تحت قبة البرلمان المصري، وقد تم التوافق عليه بين الكنائس الثلاث. وينص مشروع القانون على أن المواريث تُوزّع بالعدل بين الأبناء دون تمييز بين الذكر والأنثى، وفقًا للرؤية الإنجيلية، وهو ما يشكّل تطورًا تشريعيًا كبيرًا يُنصف المرأة ويعكس احترام الدولة لتنوعها الديني والثقافي.

وهكذا، تُثبت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنها لا تكتفي بحراسة الإيمان، بل تحمل رسالة عدالة ومساواة، تُنصف المرأة وتؤكد على حقها الكامل في الحياة والميراث، جنبًا إلى جنب مع الرجل، في انسجام روحاني وقانوني جدير بالاحترام.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى