ما يجري في منطقة الشرق الأوسط خلال الأشهر الأخيرة سوف يؤدي إلى إشعال الحرب الشاملة بين إسرائيل ومحور المقاومة، مع توقعات بدخول دول إقليمية ودولية على خط المواجهة، في ظل تمسك الحلف الصهيوأمريكي بخوض حرب عقائدية لإقامة «دولة الرب من النهر إلى النهر» كما يدعون، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه سوف يغير خريطة الشرق الأوسط لإقامة دولة إسرائيل الكبرى، يجري ذلك بمباركة أمريكية بريطانية وبعض الحلفاء من دول المنطقة الذين يرون مصالحهم مع الكيان، وعملاء أصبحوا عبيدًا لهذا المشروع مقابل السلطة والمال والشهرة والنفوذ.
تحولت المنطقة إلى مسرح للأحداث من أجل تنفيذ ما يسمى بـ«مشروع الشرق الأوسط الجديد».. تكون السيادة فيه لإسرائيل على حساب الدول العربية، ذلك المشروع أنفق عليه التحالف الصهيوأمريكي مليارات الدولارات وجند له آلاف العملاء.. ووفقًا لأحد أكبر مهندسيه، برنارد لويس: «العراق وسوريا أهداف تكتيكية، والسعودية هدف استراتيجي، ومصر هي الجائزة الكبرى». لذا، ما يجري في العراق وسوريا، وما يحدث في غزة ولبنان، وما يتم في السودان وليبيا.. والتحركات في الصومال، وأزمة سد النهضة الإثيوبي، والتطبيع الصهيوني مع الإمارات والبحرين والمغرب، ليس إلا حصارًا لمصر وتقويضًا لأطرافها.. وهو ما يدركه صانع القرار وينتبه له.. لذا تتحرك القاهرة بهدوء شديد لأن المنطقة عبارة عن حقل من الألغام قد ينفجر في أي لحظة.
عزيزي القارئ.. قبل عام كانت التقارير المخابراتية تشير إلى خطط صهيونية لإعادة احتلال كامل الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، وضرب لبنان وسوريا والأردن، وفرض أمر واقع على كافة شعوب المنطقة، بعد تهيئة مسرح العمليات وتحييد الكثير من الدول العربية، لذا كانت أحداث 7 أكتوبر الماضي – لمن يفهم – ضربة استباقية «لخبطت كل الحسابات وأربكت الجميع»، ومع استمرار التصعيد الصهيوني في غزة وباقي الإقليم وصولًا إلى ما يجري الآن بين حزب الله وإسرائيل، وضرب العاصمة اللبنانية بيروت، باتت المواجهة أكثر وضوحًا، وأصبحت المنطقة تعوم على بحر من الديناميت ينفجر في كل لحظة .. لا صوت يعلو فوق صوت البارود.. وسيطر الترقب والقلق والقتل والدمار على جميع شعوب المنطقة.. في ظل جنون صانع القرار العالمي.
الأسبوع الماضي قرر بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان، في اجتماع مجلس الحرب توسيع القتال في لبنان، مؤكدًا أن ضرب «حزب الله» ضرورة، وكشفت تقارير الأجهزة الأمنية الصهيونية أن التسوية السياسية لن تعيد سكان الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم، بعدما أجبرهم «حزب الله» منذ شهور على الفرار والعيش في الملاجئ والمخيمات لأول مرة في تاريخ إسرائيل، حيث وصلت صواريخ حزب الله إلى كامل الجليل وحيفا، وهو ما تسبب في غضب شعبي واسع داخل دولة الاحتلال.. غضب بات يهدد كرسي نتنياهو.. «فلا هو قادر على حسم حرب غزة ولا هو عارف يوفر الأمان لسكان جنوب وشمال إسرائيل.. لذا أصبح مستعدًا لإشعال المنطقة بالكامل من أجل الحفاظ على كرسي رئيس الوزراء.. انطلاقًا من رؤيته العقائدية بأنه الموعود بإقامة الهيكل المزعوم».
والسؤال .. هل الجيش الإسرائيلي المنهك في قطاع غزة يستطيع دفع فاتورة فتح جبهة أخرى مع حزب الله في لبنان، مهما كان تفوقه جوياً؟! وهل توسعة الحرب مع لبنان سوف يؤدي إلى الانسحاب الاضطراري لجيش الاحتلال من قطاع غزة والمعابر في نيت ساريم وفلادلفيا؟ وهل يستطيع جيش الكيان الحرب في الجبهتين بنفس القوة؟! قد يذهب البعض إلى أن حرب جنوب لبنان ستكون «حرب خفيفة» أو كما صرح نتنياهو «حرب بكثافة ما» .. أي إدارة حرب حسب قدرات جيش الاحتلال ومحاولة احتواء رد فعل حزب الله، ومحاولة توجيه ضربة وقائية لباليستي الحزب، بينما الواقع أنها قد تتحول في أي لحظة إلى حرب شاملة تشترك فيها كل جبهات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا؟! .. بل يمكن أن تمتد لدول أخرى مثل الأردن، ومصر التي تتبع أقصى درجات ضبط النفس.. وحذر قادتها في مناسبات عديدة من اشتعال حرب إقليمية واسعة.
الواقع .. إسرائيل تخشى من صواريخ حزب الله الموجهة والدقيقة وبعيدة المدى، ولذا فهي تريد حرباً ذات سقف، بعدما أصابها الرعب من الصاروخ الباليستي الفرط صوتي الذي أطلقه الحوثيون على وسط إسرائيل، الصاروخ الذي تجاوز الجغرافيا وكل التكنولوجيا الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، ووصل لمستوى سرعة ٤٠٢٠ كيلومترًا في دقيقة ونصف، حيث حلق فوق أكثر من منظومة دفاع جوي من الباتريوت ومنظومة حيتس الإسرائيلية دون أن تصيبه، ووصل إلى وسط إسرائيل، وهنا السؤال: ماذا لو أرسل بوتين رؤوسًا نووية لإيران أو سوريا؟!