مدير مكتب جريدة أبو الهول بقطاع غزة
يستوجب على نصر الله اتخاذ قرار: إما التصعيد أو التسوية!
بقلم الكاتب الصحفي عبدالرحمن العبادلة: من الواضح أن الاحتلال الإسرائيلي هو البادئ والمصعّد في المرحلة الحالية من الحرب في الشمال، بينما يقوم حزب الله في هذه الأثناء فقط برد الفعل، محاولاً الحفاظ على هيبته وربما التفكير في استراتيجية جديدة تخدم أهدافه وأهداف إيران، القوة الراعية له.
يبدو أن إيران أمرت حلفاءها بالفعل بزيادة جهودهم لدعم حزب الله، ولهذا السبب شهدنا محاولات لإطلاق طائرات بدون طيار وصواريخ كروز من قبل الميليشيات العراقية والسورية من الشرق. وكمعظم الصواريخ التي تم إطلاقها من قبل حزب الله، تم اعتراضها من قبل نظام “القبة الحديدية” للدفاع الجوي الإسرائيلي، المبني على أربع طبقات من الصواريخ الاعتراضية، كما تقوم الدوريات الجوية برصد الطائرات الصغيرة بدون طيار من بعيد وتهاجمها. بشكل عام، عملت أنظمة الدفاع الجوي بشكل جيد الليلة الماضية، ولكن يمكن الافتراض أنه في الأيام المقبلة سنرى جهودًا كبيرة من الحوثيين في اليمن، وكذلك من التنظيمات العراقية في العراق وسوريا، لإطلاق صواريخ على الاحتلال الإسرائيلي. لذلك، فإن الشعور بالرضا والتراخي في وسط وجنوب إسرائيل ليس موجودًا.
في هذه الأثناء، يتوخى حزب الله ورعاته الحذر الشديد في كافة المجالات. يحدث هذا لأنهم يخشون – وربما عن حق – أن يحاول الاحتلال الإسرائيلي جرهم إلى رد فعل وحرب واسعة النطاق، وعندها لن يكون أمام الولايات المتحدة خيار سوى الوقوف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي ومساعدته في تحقيق أهدافه الاستراتيجية.
“الحرمان من القدرات” والتحضير للخطوة التالية…
ما يحدث الآن هو لعبة شطرنج مميتة، حيث حدّد الكيان لنفسه منذ “هجوم أجهزة البيجر” يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي أهدافًا عملياتية واستراتيجية ويقوم بتحقيقها تدريجيًا. وفي المرحلة الحالية، يستفيد جيش الاحتلال الإسرائيلي من المرونة والجهوزية العملياتية واللوجستية التي يتمتع بها سلاح الجو، نتيجة سنوات من الاستعداد، لتدمير قدرات حزب الله بمعدل كبير، وذلك استعدادًا للمرحلة المقبلة، إذا لزم الأمر، والتي سيقوم فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالمناورة البرية داخل الأراضي اللبنانية من أجل إبعاد مقاتلي حزب الله فعليًا عن أراضينا المحتلة وتجريد جنوب لبنان من الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للدروع والصواريخ الأخرى الموجودة. في الجيش يسمون ذلك “عملية تقليل أو انتقاص القدرات”.
هذا يعني أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يضرب بشكل رئيسي منصات إطلاق الصواريخ، ومستودعات الأسلحة ومنشآت إنتاج وإطلاق الطائرات بدون طيار، وبالطبع مناطق انتشار قوة الرضوان، القريبة من أراضينا الفلسطينية المحتلة وتقع في الأحراش التي تبعد بضعة كيلومترات أو حتى بضع مئات من الأمتار عن الحدود. ويفترض أن الهدف من هذه العملية هو التحضير لإمكانية التحرك التالي، على غرار ما فعله جيش الكيان الإسرائيلي قبل المناورة في غزة، عندما كانت النية تحقيق هدفين: الأول، تقليل الضرر الذي تعاني منه المستوطنات الشمالية بسبب وابل الصواريخ والقذائف التي يطلقها حزب الله، والذي سيزداد بالتأكيد بشكل كبير عندما تبدأ المناورة. والثاني، تعطيل استعدادات حزب الله، بما في ذلك قوة الرضوان، لمحاربة آليات الاحتلال الإسرائيلي عندما تلجأ إلى العمل البري.
هناك تحديث أو ابتكار في هذه العملية: في الماضي، ادعى سلاح الجو أنه لا يستطيع مطاردة كل منصة إطلاق من بين آلاف منصات الإطلاق التي نشرها حزب الله في جنوب لبنان وفي منطقة العمليات بين بيروت ونهر الليطاني. اليوم، يقوم سلاح الجو، وخاصة الطائرات المقاتلة التي يمكنها إسقاط قنابل دقيقة، بمطاردة منصات الصواريخ، لأن المعلومات الاستخبارية التي يمتلكها جيش الاحتلال الإسرائيلي والخبرة التي اكتسبتها القيادة الشمالية في جمع الأهداف ومهاجمتها تسمح لسلاح الجو اليوم بمطاردة منصة واحدة أو مستودعات أسلحة بدقة كبيرة.
تشير الانفجارات الفرعية التي يمكن مشاهدتها في فيديوهات القصف إلى أن نسبة النجاح في “إزالة القدرات” جيدة، بل جيدة جدًا. في الوقت نفسه، تعمل القوات الجوية أيضًا في عمق لبنان لتدمير أنظمة الدفاع الجوي التي قدّمها الإيرانيون لحزب الله. بطاريات صواريخ أرض-جو مثل SA-6 وSA-8 وبانتسير (SA-22) والتي تصنعها روسيا، بالإضافة إلى بطاريات أخرى إيرانية مثل S-385، التي تحد من حرية سلاح الجو فوق كامل الأراضي اللبنانية، ويسعى سلاح الجو إلى تدميرها الآن لتهيئة المنطقة للمراحل المقبلة من المعركة أو الحرب الواسعة.
“إزالة القدرات” في جنوب لبنان
في جنوب لبنان، تتم عملية “إزالة القدرات” بشكل رئيسي، كما ذكرت، من خلال تدمير جوي ومدفعي لمنصات إطلاق وصواريخ أرض-جو، ومن مناطق وعرة وحرجية محصنة، والتي قد تستخدمها قوة الرضوان كنقاط تجميع للهجوم على أراضينا المحتلة. سيواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه العملية اليوم وفي الأيام المقبلة.