متابعات هاني فريد
رأت صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن حرب المفخخات التي تشنها إسرائيل حاليا أنها” غير قانونية وغير مقبولة”.
وقالت الصحيفة -في مقال افتتاحي لها، اليوم الخميس، – أنه خلال الحرب العالمية الثانية، قامت قوات حرب العصابات بنشر كميات كبيرة من المواد المفخخة التي من المرجح أن تكون جذابة للمدنيين وتمثلت الفكرة في التسبب في موت واسع النطاق وعشوائي.
وأشارت الصحيفة إلى أن اليابانيين صنعوا “غليون تبغ” بشحنة تنفجر بواسطة مهاجم محمل بنابض وأنتج الإيطاليون سماعة رأس تنفجر عند توصيلها بالتيار الكهربائي وبعد أكثر من نصف قرن، دخلت معاهدة عالمية حيز التنفيذ والتي “حظرت في جميع الظروف استخدام الأفخاخ أو الأجهزة الأخرى التي تتخذ شكل أشياء محمولة غير ضارة على ما يبدو ومصممة ومبنية خصيصا لاحتواء المواد المتفجرة”.
وتساءلت الصحيفة: هل أخبر أحد إسرائيل وأنصارها المهللين أنها، كما يشير بريان فينوكين من مجموعة الأزمات الدولية، وقعت على هذا البروتوكول؟.. قائلة إنه يوم الثلاثاء الماضي، انفجرت أجهزة النداء (البيجر) التي يستخدمها مئات الأعضاء من جماعة حزب الله المسلحة في وقت واحد تقريبا في لبنان وسوريا؛ ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصا – بما في ذلك طفلان وأربعة عمال في المستشفيات- وإصابة الآلاف الآخرين، مؤكدة أن
هذا الوضع يشبه بشكل مباشر الممارسات التاريخية التي تحظرها صراحة معاهدات الأسلحة العالمية الحالية.
ونقلت الصحيفة عن وسائل إعلام أمريكية قولها إن إسرائيل كانت وراء الهجوم، وأن لديها الدافع والوسائل لاستهداف ضحاياها وهو ما علقت عليه بالقول إن مسئولي إسرائيل لهم تاريخ طويل في تنفيذ عمليات تتراوح ما بين الهجمات الإلكترونية والهجمات الانتحارية بطائرات بدون طيار والأسلحة التي يتم التحكم فيها عن بعد لاغتيال العلماء الإيرانيين ويوم أمس الأربعاء، ذاعت الأنباء بأن إسرائيل فجرت آلاف الأجهزة اللاسكية التي يستخدمها أعضاء حزب الله في لبنان، مما أسفر عن مقتل تسعة وإصابة المئات.
ورأت الصحيفة أن هجمات هذا الأسبوع لم تكن -كما زعم المدافعون عن إسرائيل- “عملية جراحية” أو “عملية مكافحة إرهابية محددة الهدف بدقة”، مشيرة إلى أن الجولة الحالية من القتال شهدت نزوح عشرات الآلاف من الإسرائيليين من الحدود الإسرائيلية اللبنانية بسبب هجمات الصواريخ والمدفعية التي شنتها الحركة اللبنانية.
وقالت الصحيفة، إنه مع ذلك، كان من الواضح أن قنابل البيجر كانت ترمي إلى استهداف المدنيين الأفراد -الدبلوماسيين والسياسيين- الذين لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية ويبدو أن الخطة تمخضت عن ما قد يسميه المحامون “ضررا مدنيا عرضيا مفرطا”، مشيرة إلى أنه تم توجيه هاتين الحجتين إلى روسيا للادعاء بأن موسكو ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا ولكن من الصعوبة بمكان أن نتساءل لماذا لا يتم تطبيق نفس المنطق على إسرائيل – بصرف النظر عن كونها حليفة للغرب؟
وأشارت الجارديان إلى أن مثل هذه الهجمات غير المتناسبة -والتي تبدو غير قانونية- ليست غير مسبوقة فحسب، بل ربما تصبح طبيعية أيضا وإذا كان هذا هو الحال -فسيترك الباب مفتوحا أمام دول أخرى لاختبار قوانين الحرب بشكل مميت ومن ثم يتعين على واشنطن أن تتدخل وتكبح جماح صديقتها (إسرائيل)، لكن جو بايدن لا يظهر أي علامة على التدخل لوقف إراقة الدماء، إذ يمر الطريق إلى السلام عبر غزة لكن خطة وقف إطلاق النار التي اقترحها بايدن وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين لم تلق استحسانا لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو حماس.
واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها قائلة إن ما يبعث على القلق هو أن تتمخض تصرفات إسرائيل عن صراع شامل كارثي من شأنه أن يجر الولايات المتحدة إلى قتال إقليمي.
ويقف العالم على حافة الفوضى لأن استمرار نتنياهو في السلطة والعزلة الناتجة عن تهم الفساد تعتمد إلى حد كبير على أن تكون إسرائيل في حالة حرب.
ولن يتسنى تحقيق أي من هذا من دون تواطؤ الولايات المتحدة ومساعدتها وربما لن تتمكن واشنطن من القول إنه لا ينبغي أن يتم دفع ثمن إنقاذ نتنياهو في شوارع لبنان أو يدفعه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة إلا بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مشيرة إلى أنه حتى ذلك الحين، سوف يستمر تقويض النظام الدولي القائم على القواعد من جانب نفس البلدان التي أنشأت هذا النظام.