تابع مجلس أمناء الحوار الوطني بدقة واهتمام بالغين مسار التوصيات التي أقرها ورفعها للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، حول ملف الحبس الاحتياطي. التوصيات التي رفعت للرئيس تضمنت معالجات قانونية وإنسانية بهدف تعزيز العدالة وضمان حماية حقوق الأفراد في إطار القوانين الحالية والمستقبلية.
وجاء الرد الرئاسي بشكل إيجابي على هذه التوصيات، حيث قام الرئيس بإحالتها لمجلس النواب لمناقشتها عبر الحكومة، وهو ما يعكس اهتمام الدولة الكبير بتطوير النظام القضائي وتحقيق العدالة الناجزة.
أعلن مجلس النواب، في بيان مفصل، أنه قد قام بدراسة التوصيات المرفوعة من الحوار الوطني. وبعد دراسة مكثفة، أدرج عدداً منها ضمن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي تناقشه حاليًا لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالمجلس.
وأشار البيان إلى أن التعديلات قد شملت بعض النقاط الهامة التي اقترحها الحوار الوطني، مع التأكيد على أن النقاشات حول مشروع القانون لا تزال مستمرة، وأن المجلس على استعداد لتقبل أي تعديلات إضافية تحقق الغاية الأساسية وهي تعزيز الحقوق والحريات العامة.
يعد الحبس الاحتياطي واحدًا من الموضوعات الرئيسية التي تم تناولها ضمن مشروع القانون الجديد. ورغم أنه يشكل جزءًا بسيطًا من المشروع الشامل، الذي يحتوي على 540 مادة قانونية، إلا أنه يحظى باهتمام خاص من المجلس والمؤسسات المعنية نظرًا لأهميته في تحقيق العدالة وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين. ويثمن مجلس أمناء الحوار الوطني الدور الذي يقوم به مجلس النواب في هذا الصدد، ولكنه في الوقت ذاته يعرب عن ملاحظاته بخصوص أن بعض التوصيات التي رفعها لم تدرج بالكامل في مشروع القانون، وهو ما يتطلب مراجعات إضافية.
ناقش مجلس الأمناء في اجتماعه الأخير ما ورد في مشروع قانون الإجراءات الجنائية مقارنةً بالتوصيات التي أقرها بخصوص الحبس الاحتياطي. ومن خلال هذه المقارنة، تبين أن بعض التوصيات لم تُضمّن بشكل كامل، سواء من حيث الفلسفة القانونية أو المضمون، وهو ما قد يؤثر على المعالجة الشاملة التي كان يسعى لها الحوار الوطني.
رأى مجلس الأمناء ضرورة إعادة صياغة تلك التوصيات وتقديمها مرة أخرى للرئيس السيسي، ليقرر اتخاذ الإجراءات اللازمة بما يتناسب مع احتياجات النظام القانوني الحالي وتطلعات المجتمع.
وفي إطار هذا النقاش، يؤكد المجلس أنه، رغم عدم تدخله المباشر في المناقشات الجارية داخل مجلس النواب، إلا أنه يشعر بمسؤولية أخلاقية تجاه هذا الملف ويعمل على التأكيد على عدة نقاط هامة، أبرزها:
الاحترام الكامل للمؤسسات الدستورية: يعرب مجلس الأمناء عن تقديره الكامل لمجلس النواب والقضاء بجميع هيئاته ونقابتي الصحفيين والمحامين، مؤكدًا ثقته في قدرتهم على إدارة أي خلافات حول مشروع القانون بروح التعاون والاحترام المتبادل.
ضرورة تقريب وجهات النظر
يناشد المجلس جميع الجهات المعنية بتقريب وجهات النظر وتوحيد الصفوف بما يخدم مصلحة البلاد، مؤكدًا أن العلاقات بين هذه المؤسسات يجب أن تبقى قائمة على التكامل والاحترام المتبادل، بما يحقق العدالة الناجزة ويحفظ حقوق الأفراد.
دعوة إلى اللقاءات المباشرة
يتمنى مجلس الأمناء أن تقوم المؤسسات المعنية بعقد لقاءات واجتماعات في أقرب وقت ممكن لمناقشة المواد المختلف عليها في مشروع القانون، بهدف الوصول إلى توافقات تضمن تحقيق تطلعات الشعب المصري في نظام قضائي عادل وسريع.
استشراف المستقبل ومواصلة الحوار
يستذكر مجلس أمناء الحوار الوطني في ختام بيانه دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للحوار الوطني التي أطلقها في أبريل 2022، والتي كانت تهدف إلى فتح المجال أمام مختلف الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية. وجاءت هذه الدعوة لتأكيد أن “الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية”. وهو ما يتماشى مع فلسفة الحوار الوطني القائمة على الحوار البناء وتعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات من أجل تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.
وفي ظل هذه الروح، يأمل مجلس الأمناء أن تستمر المناقشات داخل مجلس النواب وأيضًا بين المؤسسات والنقابات المعنية، بما يضمن أن تكون القوانين الجديدة، وخاصة قانون الإجراءات الجنائية، مواكبة للتطورات القانونية والإنسانية التي تشهدها البلاد، بما يحقق العدالة للجميع ويحافظ على حقوق الإنسان الأساسية.
يظل الحبس الاحتياطي ملفًا حساسًا يتطلب معالجة دقيقة وشاملة، وهو ما يعمل عليه الحوار الوطني بالتعاون مع الجهات المختصة، بهدف تعزيز الثقة في النظام القضائي وتحقيق التوازن بين حفظ الأمن واحترام الحقوق والحريات. ومن هنا، يظل العمل مستمرًا لتحقيق الإصلاحات المنشودة في هذا المجال وغيره من المجالات القانونية التي تهم المواطن المصري.