منذ أول ظهور للمخرج الفلسطيني الأصل طارق العريان في السينما المصرية بفيلم الإمبراطور عام 1990، أثبت العريان أنه مخرج يتمتع برؤية سينمائية مختلفة، واستطاع من خلال أعماله إعادة اكتشاف عدد من الممثلين الذين أصبحوا فيما بعد نجومًا بارزين في عالم السينما. في هذا التقرير، نستعرض أبرز الأبطال الذين أعاد العريان اكتشافهم وأثر في مسيرتهم الفنية.
1. الإمبراطور (1990) وإعادة اكتشاف محمود حميدة
فيلم الإمبراطور هو اقتباس للفيلم العالمي Scarface للنجم الكبير آل باتشينو، لكن بنكهة مصرية أصيلة مع تعديلات على بعض الأحداث. وقتها، كان طارق العريان يبحث عن ممثل في سن قريب من أحمد زكي ليلعب دور إبراهيم، شريك وصديق زينهم (أحمد زكي). بعد بحث طويل، وقع الاختيار على محمود حميدة، الذي كان وقتها يبلغ من العمر 37 عامًا، وله بعض التجارب التليفزيونية والسينمائية المحدودة.
ورغم قلة خبرته في الأفلام السينمائية، أظهر حميدة قدرات تمثيلية هائلة في الإمبراطور، حيث يعتبر هذا الفيلم ثالث تجربة سينمائية له. وبفضل توجيهات العريان، استطاع حميدة أن يبرز كممثل رئيسي، مما فتح له أبواب البطولة في أفلام أخرى مثل عصر القوة ورغبة متوحشة وشمس الزناتي عام 1991. ومنذ ذلك الحين، أصبح حميدة نجمًا شهيرًا على شباك التذاكر.
2. تيتو (2004) ومولد نجم خالد صالح
خالد صالح هو مثال آخر للممثل الذي أعاد طارق العريان اكتشافه. قبل تيتو، لم يكن خالد صالح معروفًا بشكل واسع لدى الجمهور، رغم أنه كان قد عمل في الوسط الفني لفترة طويلة وكان له أصدقاء مشهورون مثل خالد الصاوي ومحمد هنيدي. لكن خطواته كانت بطيئة نظرًا لانشغاله بين التمثيل وإدارة مشروعه الخاص.
تغيرت حياته المهنية تمامًا عندما تلقى دورًا رئيسيًا في تيتو عام 2004، حيث قام بدور “رفعت السكري”. الدور كان نقطة تحول في مسيرته، وأصبحت جملة “أنا بابا يلا” أيقونية لدى الجمهور المصري. صالح نفسه أشار إلى أن توجيهات العريان في أدق تفاصيل الأداء كانت سببًا رئيسيًا في نجاحه بهذا الدور، حيث ساعده على عدم الانجراف في الأداء المبالغ وأبرز جوانب عميقة في شخصيته.
3. السلم والتعبان (2001) وصعود أحمد حلمي
قبل السلم والتعبان، كان أحمد حلمي معروفًا بتقديم الأدوار الكوميدية البسيطة، حيث كان غالبًا ما يلعب دور الصديق المرح الذي يضفي روح الدعابة على الفيلم. إلا أن طارق العريان رأى إمكانيات أعمق في حلمي، وقام بتقديمه في دور مختلف تمامًا. في هذا الفيلم، خرج حلمي من خانة الكوميديا الخفيفة إلى تقديم جوانب درامية لم يسبق له أن مثلها، حيث قام بدور الصديق الذي يحمل مسؤوليات كبيرة تجاه عائلته، ويواجه تحديات حياتية صعبة.
التغيير الذي أحدثه العريان في مسيرة حلمي لم يكن مجرد تحدي تمثيلي، بل كان بداية تحول في رؤية المخرجين الآخرين لحلمي كممثل درامي. هذا التغيير ساعد في ترشيحه لأدوار أكبر وأكثر تعقيدًا، مثل دوره في فيلم سهر الليالي بعد عامين.
من خلال هذه الأفلام الثلاثة، يتضح أن طارق العريان ليس مجرد مخرج يقدم قصصًا سينمائية، بل هو صانع نجوم يعرف كيف يستخرج أفضل ما لدى الممثلين من قدرات تمثيلية.