لسان حال الطيبين بعيدا عن جماعة الساحل الطيب وتوأمه الشرير، وبعيدا جدا عن جماعة الصيف يا محلاه، وفى أبعد مسافة من جماعة «آيس كريم فى جليم».
لسان الحال بزهق من فرط الرطوبة، فليرحل الصيف بقيظه، صيف هذا العام لفحنا بقسوة، واضطرنا اضطرارا لتخفيف الأحمال، وأحمال أخرى، الناس تخففت من اللباس، تكاد تمشى ملط كما فعلها طيب الذكر «أحمد زكى» فى فيلم «ولاد الإيه».
المحبون للشتاء ينتظرونه على أحر من جمرات الصيف، يطلبون الخريف عاجلا، هدنة، وتهيئة لقدوم الشتاء، الشتاء آت فلا تستعجلوه..
ينتهى فصل الصيف يوم السبت الموافق ٢٣ سبتمبر الجارى، وبعدها سيحل فصل الخريف، بمثابة هدنة مناخية.
الخريف بات مطلبا ملحا، يودعون الصيف غير آسفين، يودعونه بسؤال، كما ودعه طيب الذكر الشاعر الرقيق، «مأمون الشناوى» فى أغنية «الربيع» التى شدا بها العظيم «فريد الأطرش»: (لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك؟
كان لى فى عهدك آليف عاهدنى قُدامك
وكان لى فى قلبُه طيف يخطر فى أوهامك..).
الخريف الجميل، مشتاقون، لولا الخريف لما حلّ الشتاء، معلوم الورقة التى لم تسقط فى فصل الخريف (خائنة) فى عيون أخواتها، (وفية) فى عين الشجرة، و(متمردة) فى عيون الفصول جميعا، فالكل يرى الموقف من زاويته.
تخيل الخريف الجميل لم يستغرق سوى بيت شعر فى أغنية «الربيع»، هكذا مر على الأسماع خفيفا لطيفا، «مر الخريف بعده؛ دبّل زهور الغرام، والدنيا من بعده هوان ويأس وآلام..».
الخريف يأتى ليرحل سريعا، وكأنه بشير، يبشر بالشتاء، يا خوفى من الشتاء المقبل، توقع شخصى قد لا تسنده توقعات الأرصاد، سيكون شتاء «سيبيرى زمهريرى» بقسوة الصيف.
عفوا «جماعة البلاطِى»، محبى الشتاء، المناخ يتغير، يتنمر علينا، يصلينا صيفا بنار موقدة، ويجمدنا شتاء كالفراخ فى الفريزر.
حتى الربيع لم يعد يبهج البشر، برد الشتاء كارف على الربيع، والصيف يغتال الخريف، أما عن الخريف فلا تسل.. الفصل المسروق.
وحتى لا تختلط عليكم الفصول، فصل الخريف يقع بين فصلى الصيف والشتاء، حيث تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض بشكل تدريجى، وتكون درجات حرارة الخريف بين حرارة فصل الصيف وبرودة فصل الشتاء، فى خطوط العرض المتوسطة والعالية، ويكون فصل الخريف فى المناطق القطبيّة قصيرا جدا.
وفيه (فى الخريف) يتغير لون أوراق الأشجار، وتنمو فراء الحيوانات لتصبح سميكة، وتُهاجر الطيور إلى منطقة خط الاستواء تحسبا لبرد الشتاء.
تُستخدم كلمة (autumn) فى بريطانيا وأستراليا للدلالة على فصل الخريف، بينما تُستخدم كلمة (fall) على نطاق واسع فى شمال الولايات المتحدة الأمريكيّة، وتعنى «سقوط»؛ وذلك لأنَّ هذا الفصل يشهد تساقط أوراق الأشجار.
الثابت يقينًا والصهد يلفح الوجوه أن المناخ المصرى تقلب تمامًا، صار متقلبًا، مزاجه متعكر، وأرجو ألا يستنيم خبراء الأرصاد طويلا إلى قاعدة «حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاءً»، ويسقطون فصل الخريف وكأنه ساقط قيد.
العالم بأسره يعيد حساباته المناخية، لسنا استثناء، ومستوجب أن نذهب سريعًا إلى قراءة جديدة لمؤشرات المناخ المصرى خلال العقد الأخير على أقل تقدير.