في تحرك مثير للجدل على الساحة السياسية الأردنية، أثارت جماعة الإخوان موجة من الغضب والاستنكار داخل الأوساط المسيحية في الأردن، بعد أن استطاعت الجماعة فرض نفوذها على أحد مقاعد “كوتة” المسيحيين في البرلمان الأردني. هذه الفضيحة السياسية تمثلت في نجاح السياسي جهاد مدانات، وهو مسيحي أردني، في الحصول على مقعد المسيحيين في البرلمان، لكن المفاجأة كانت في أنه ترشح تحت شعار جماعة الإخوان “بالإسلام نحمي الوطن ونبني الأمة”، ما أثار حفيظة العديد من المسيحيين الذين شعروا أن هذا المقعد لم يعد يمثلهم.
القضية بدأت عندما نقلت الصحف تصريحات جهاد مدانات، الذي دخل الانتخابات على أساس أنه سيمثل المسيحيين في البرلمان. لكن ما أثار الشكوك والاستنكار هو إقدامه على استخدام شعار جماعة الإخوان، مما دفع البعض للتساؤل: هل ما زال يمثل مصالح المسيحيين، أم أنه أصبح جزءًا من أجندة الجماعة التي تهدف إلى توسيع نفوذها في كل جوانب الحياة السياسية؟
هذا التطور لم يقف عند حد وصول مدانات إلى البرلمان فقط، بل إن المخاوف تعاظمت في الأوساط المسيحية من أن تسعى جماعة الإخوان، من خلال هذا المقعد، إلى تمرير قوانين أو تعطيل أخرى تتعلق بالحقوق المسيحية، وخاصة قانون الميراث الخاص بالمسيحيين، والذي يُعد من القوانين المهمة التي تضمن حقوقهم في المجتمع الأردني. يشعر المسيحيون أن وجود مدانات تحت مظلة جماعة الإخوان داخل البرلمان قد يؤدي إلى تصويت لصالح الجماعة في أي نقاش حول هذا القانون، مما قد يفتح الباب أمام تغييرات تمس مصالحهم وحقوقهم الأساسية.
تعديلات قانون الميراث المسيحي موضوع حساس، فالقانون الحالي يعترف بالحقوق الخاصة للمسيحيين في ما يتعلق بالميراث، وهو قانون ينظم توزيع الميراث وفقًا للتعاليم المسيحية. إلا أن هناك مخاوف من أن تقوم جماعة الإخوان باستخدام نفوذها لعرقلة أو إلغاء هذا القانون، بحجة تماشي القوانين مع رؤيتهم الخاصة. في حالة نجاحهم في هذا المسعى، سيؤدي ذلك إلى انتهاك الحقوق المسيحية التقليدية وقد يحدث توترًا كبيرًا بين المجتمعين المسيحي والإسلامي في الأردن.
المسيحيون الأردنيون ينظرون بعين القلق إلى المستقبل، حيث يرون في ما حدث خطوة غير مسبوقة من جماعة الإخوان للسيطرة على التمثيل المسيحي في البرلمان. ويرون أن هذا قد يكون جزءًا من خطة أكبر تهدف إلى تقليص دور المسيحيين في الحياة السياسية والعامة، وربما فرض أجندة الجماعة على القوانين والتشريعات التي تخصهم.
هذا الوضع المستجد يفتح باب التساؤلات حول مدى تأثير الجماعات السياسية على الأدوار التي يجب أن تظل ممثلة للمجتمع بشكل عام، دون انحياز أو خضوع لأجندات معينة.