في خطوة جديدة نحو تعزيز الاقتصاد المصري وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، توقيع عقد مشروع إنشاء مجمع صناعي عالمي لاستخلاص مادة البروم في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وذلك على هامش فعاليات منتدى التعاون الصيني-الأفريقي المنعقد في العاصمة الصينية، بكين. هذا المشروع يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وسيتم تنفيذه باستثمارات إجمالية تصل إلى 110 ملايين دولار، مما يعزز مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي واستراتيجي.
تعاون مصري-صيني لتعزيز الصناعة الكيميائية
وقع السيد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، اتفاقاً إطارياً يشمل جميع عقود المشروع مع السيد Maoan Lee، رئيس شركة “شاندونج تيان اي للكيماويات”، والسيد Li DaiXin، رئيس مجلس إدارة شركتي “تيدا مصر” و”تيدا الصين أفريقيا”. يتضمن المشروع إنشاء مصنع لاستخلاص البروم باستخدام تقنيات حديثة تعتمد على معالجة نواتج تحلية مياه البحر، وهي تقنية مستدامة صديقة للبيئة تساعد في تقليل هدر المياه وتعزيز الاستفادة منها في العمليات الصناعية.
يمثل هذا المشروع نموذجًا للتعاون الاقتصادي المصري-الصيني، حيث تسعى مصر إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز التعاون التكنولوجي في مجالات متنوعة مثل الصناعات الكيميائية. وبفضل الشراكة مع الصين، يتم تعزيز القدرة التنافسية لمصر في الصناعات المتطورة ذات القيمة المضافة العالية.
أهمية المشروع لمصر والمنطقة
يعتبر هذا المشروع جزءًا من الاستراتيجية المصرية الرامية إلى توطين الصناعات الاستراتيجية ذات الأهمية الكبرى، وعلى رأسها الصناعات الكيميائية. وفي إطار هذه الجهود، تعمل الحكومة المصرية على استقطاب الاستثمارات الدولية وتوطين التكنولوجيا المتقدمة. ويعد البروم من المواد الكيميائية الحيوية التي تدخل في العديد من الصناعات، مثل صناعة الأدوية، المبيدات الحشرية، المواد المثبطة للاشتعال، بالإضافة إلى استخدامها في مجالات أخرى مثل استخراج النفط.
وبفضل موقعه الاستراتيجي في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، سيكون هذا المشروع محوريًا في تعزيز الصادرات المصرية من المنتجات الكيميائية إلى الأسواق العالمية. قناة السويس، باعتبارها أحد أهم المعابر البحرية في العالم، تمنح هذا المجمع الصناعي ميزة كبيرة من حيث القدرة على الوصول إلى الأسواق العالمية بسهولة وكفاءة.
تفاصيل الاتفاق وأهمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
يتضمن الاتفاق الإطاري العديد من العقود الفرعية، من بينها عقد لتوريد المياه شديدة الملوحة التي ستستخدم في إنتاج البروم، وهو عقد وقعه السيد Maoan Lee، رئيس شركة “شاندونج تيان اي للكيماويات”. كما يتضمن الاتفاق توقيع عقد حق انتفاع بمساحة 80 ألف متر مربع لإقامة مصنع إنتاج خام البروم بجوار محطة تحلية مياه البحر. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تخصيص 40 ألف متر مربع داخل منطقة المطور الصناعي “تيدا-مصر” لإقامة مصنع للمنتجات المشتقة من البروم.
هذا المشروع يعزز دور المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز صناعي ولوجستي رئيسي في الشرق الأوسط وأفريقيا. منذ إنشائها، أصبحت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وجهة رئيسية للاستثمارات الأجنبية والمحلية بفضل موقعها الجغرافي الفريد، وقربها من أهم الممرات المائية في العالم. كما تقدم المنطقة العديد من الحوافز الاستثمارية التي تجعلها بيئة جذابة للشركات العالمية الراغبة في توسيع عملياتها في المنطقة.
أبعاد اقتصادية واستراتيجية
من الناحية الاقتصادية، يمثل مشروع استخراج البروم خطوة مهمة في مساعي مصر لتطوير صناعاتها الكيميائية والبتروكيماوية. فالبروم يعد مادة حيوية تدخل في صناعات متعددة ذات قيمة اقتصادية كبيرة. ومن خلال إقامة مجمع صناعي متخصص لاستخلاص البروم ومنتجاته، ستتمكن مصر من تعزيز صادراتها من هذه المنتجات إلى الأسواق العالمية، خاصة الأسواق الأوروبية والآسيوية.
على الصعيد الاستراتيجي، يساهم هذا المشروع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال استخدام الموارد الطبيعية بشكل مستدام، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز التحول نحو الصناعات الصديقة للبيئة. كما يمثل التعاون مع الصين في هذا المجال نموذجًا للشراكة الدولية التي تعتمد على نقل التكنولوجيا والاستفادة من الخبرات الدولية في تطوير الصناعات الوطنية.
دور الحكومة المصرية في جذب الاستثمارات
يأتي هذا المشروع كجزء من رؤية الحكومة المصرية لتعزيز الاستثمارات في المناطق الاقتصادية الخاصة، وخاصة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وقد أكدت القيادة السياسية مرارًا على أهمية تطوير هذه المنطقة لتكون مركزًا عالميًا للتجارة والصناعة. وفي هذا السياق، تعمل الحكومة على تحسين البنية التحتية وتقديم التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين الدوليين.
وفي كلمته أثناء مراسم التوقيع، أشاد الدكتور مصطفى مدبولي بالدور الكبير الذي تلعبه الشراكات مع الصين في تحقيق التنمية الاقتصادية في مصر، مشيرًا إلى أن مثل هذه المشروعات تعكس قوة العلاقات الثنائية بين البلدين وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات متعددة. كما أكد مدبولي على التزام الحكومة المصرية بتقديم كافة التسهيلات اللازمة لضمان نجاح هذا المشروع وغيره من المشروعات الاستثمارية الكبرى.
ختامًا
يمثل مشروع استخلاص البروم في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نقلة نوعية في الصناعات الكيميائية في مصر، ويعكس الرؤية الاستراتيجية للحكومة المصرية في توطين الصناعات ذات القيمة المضافة. وبفضل التعاون مع الشركاء الصينيين، سيعزز هذا المشروع مكانة مصر كوجهة رئيسية للاستثمارات الصناعية في المنطقة، وسيعود بالنفع على الاقتصاد المصري من خلال زيادة الصادرات وتوفير فرص عمل جديدة، إضافة إلى تعزيز التنافسية المصرية في الأسواق العالمية.