أكد اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة المصرية السابق، أن وجود القوات المصرية في الصومال، رغم كونه جزءًا من قوات حفظ السلام الدولية، يحمل دلالات ورسائل مهمة في إطار السياسة الخارجية المصرية.
وأوضح رشاد خبير الأمن القومي ، أن هذا الوجود العسكري لا يمكن قراءته بمعزل عن التطورات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بملف سد النهضة. مشيرًا إلى أن الرسالة المصرية هنا واضحة ومباشرة: كل الخيارات مطروحة، وأن جميع الأهداف الحيوية الإثيوبية، بما في ذلك سد النهضة، قد تكون في مرمى النيران المصرية حال استمر التعنت الإثيوبي وإصرار أديس أبابا على عدم التوصل لحل يرضي جميع الأطراف بشأن السد.
وأضاف اللواء رشاد أن اللجوء إلى القوة العسكرية لضرب السد بشكل مباشر ليس الخيار الأول الذي ستلجأ إليه مصر، بل هو أمر مستبعد في الوقت الحالي. وأوضح أن هناك عدة اعتبارات تحول دون اتخاذ مثل هذا القرار، من بينها العلاقات الوثيقة التي تربط مصر بدول صديقة لها مصالح واستثمارات في مشروع السد، وعلى رأس تلك الدول تأتي دولة الإمارات. كما أن ضرب جسم السد عسكريًا قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على المنطقة، بما في ذلك انهيار السد وما قد يترتب على ذلك من أضرار إنسانية وبيئية جسيمة.
ومع ذلك، أشار اللواء رشاد إلى أن مصر لديها خيارات أخرى أقل تدميرًا وأكثر دقة إذا استدعت الظروف ذلك. أحد هذه الخيارات هو تعطيل السد بشكل غير مباشر، وذلك من خلال استهداف الدوائر الكهربائية التي تعمل على تشغيله وتوليد الطاقة منه. هذا النوع من العمليات يمكن أن يشل قدرة السد على توليد الكهرباء دون الحاجة إلى تدمير الهيكل نفسه.
ونوه رشاد أن تعطيل الدوائر الكهربائية سيكون بمثابة ضربة مؤلمة لإثيوبيا، حيث تعتمد بشكل كبير على السد لتوفير الطاقة وتحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية.
وفي هذا السياق، شدد رشاد على أن مصر، برغم موقفها الصارم، لا تزال تعطي الأولوية للحلول الدبلوماسية والسياسية. مشيرًا إلى أن مصر منذ بداية الأزمة قد قدمت العديد من المبادرات والمقترحات التي تهدف إلى ضمان حقوق جميع الأطراف في مياه النيل، ولكن التعنت الإثيوبي المستمر يجعل من الضروري أن تظل جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.
وتابع رشاد أن القيادة المصرية تدرك جيدًا خطورة استخدام القوة العسكرية بشكل مباشر، ولذلك فإنها تحرص على استنفاد كافة السبل الدبلوماسية أولاً قبل اللجوء إلى أي خيارات أخرى.
وفي الختام، أكد اللواء محمد رشاد أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد لأمنها المائي، وأنها تمتلك القدرة والإرادة للدفاع عن مصالحها الوطنية. لكن في الوقت نفسه، تبقى مصر دولة مسؤولة تسعى دائمًا إلى حل النزاعات بطرق سلمية ودبلوماسية، مع الحفاظ على حقها في اتخاذ الإجراءات اللازمة إذا تمادت إثيوبيا في سياساتها المتعنتة.