النهاردة بداية السنة المصرية ٦٢٦٦ وهذه السنة تتألف من ١٣ شهرًا، تحمل في طياتها رموزًا ومعانٍ ترتبط بالحياة الزراعية والدينية للمصريين القدماء. تلك الشهور ما زالت تحتفظ بجذورها الفرعونية حتى اليوم، إذ تربط الفلاح المصري كل شهر بطقوسه وأمثاله الشعبية. من خلال هذا التقرير، سنلقي نظرة شاملة على كل شهر من شهور السنة المصرية وأهمية كل منها، بالإضافة إلى الأمثال المرتبطة بها.
1. شهر توت (11/12 سبتمبر):
شهر “توت” يُعتبر بداية السنة المصرية، ويُحتفل فيه بإله الحكمة والمعرفة “تحوت”، حيث يمثل بداية الخريف والتجديد. يُقال في المثل الشعبي: “توت، رَي ولا تموت”، وذلك إشارة إلى بداية موسم الري وتجنب موت المحاصيل.
2. شهر بابة (10/11 أكتوبر):
شهر “بابة” مرتبط ببداية البرد، إذ يحمل رمزية التفاعل بين الإنسان والنهر أثناء الفيضان. الأمثال المرتبطة به تقول: “بابه خش واقفل البوابة”. يعكس هذا المثل الحاجة إلى الاستعداد لموجات البرد القادم.
3. شهر هاتور (10/11 نوفمبر):
يُسمى “هاتور” نسبة للإلهة “حتحور”، رمزية الحب والجمال والموسيقى في مصر القديمة. يُقال فيه: “هاتور أبو الدهب منثور”. وهذا المثل يعبر عن نضج القمح وانتشاره كحبات الذهب، ويرتبط أيضًا ببدء البرد: “إن فاتك هاتور اصبر لما السنة تدور”.
4. شهر كيهك (10/11 ديسمبر):
كيهك شهر الاحتفالات الدينية، حيث تقام طقوس للإله “أوزيريس”. هو شهر أقصر الأيام، ويُقال فيه: “صبحك مساك شيل يدك من غداك، وحطها في عشاك”، في إشارة إلى قصر النهار وطول الليل.
5. شهر طوبة (9/10 يناير):
“طوبة” يمثل ذروة الشتاء والبرد الشديد، ويقول فيه المصريون: “طوبة تخلي الشابة كركوبة”. يشير هذا المثل إلى تأثير البرد القارس حتى على أكثر الأشخاص شبابًا وحيوية.
6. شهر أمشير (8/9 فبراير):
يتميز “أمشير” برياحه القوية، ويقال فيه: “أمشير يفصص الجسم نسير نسير”. وهو شهر الرياح والعواصف، ويعبر عن تحولات الطقس المفاجئة.
7. شهر برمهات (10/11 مارس):
برمهات هو شهر الحصاد، ويقول المصريون فيه: “روح الغيط وهات”. في هذا الشهر، يبدأ جني المحاصيل الشتوية مثل القمح، ويعد موسمًا مليئًا بالنشاط الزراعي.
8. شهر برمودة (9 أبريل):
في برمودة، تُجنى المحاصيل بالكامل، ويبدأ دق سنابل القمح، وهو ما يعبر عنه المثل: “برمودة دق العامودة”. هنا نرى موسمًا من الحصاد والفرح بنضج الثمار.
9. شهر بشنس (9 مايو):
بشنس شهر التضحيات والعبادة، ويقال فيه: “بشنس يكنس الغيط كنس”. يعبر هذا المثل عن نظافة الحقول بعد انتهاء الحصاد، وهو وقت يتطلب الاستعداد للمواسم الزراعية التالية.
10. شهر بؤونة (8 يونيو):
يُعرف بؤونة بشدة الحرارة، ويقال فيه: “بؤونة تنشف الميه من الماعونة”. يعكس هذا المثل قوة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، حيث تؤثر على النشاط الزراعي.
11. شهر أبيب (8 يوليو):
“أبيب” هو شهر الحر الشديد، حيث يُطلق عليه “أبيب أبو اللهاليب”. يشير المثل إلى قوة الشمس الحارقة في هذا الشهر، والذي يمثل تحديًا للزراعة.
12. شهر مسرى (7 أغسطس):
مسرى هو شهر الفيضان، حيث تتجدد الحياة مع ارتفاع منسوب النيل. يُقال فيه: “مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة”. يشير المثل إلى وفرة المياه التي تغمر الأراضي وتبدأ الزراعة من جديد.
13. شهر النسيء:
النسيء هو شهر صغير يأتي في نهاية السنة، ويقال عنه: “في النسيء تزرع أي شيء حتى لو في غير أوانه”. يعكس هذا المثل أن النسيء يعد وقتًا خاصًا يمكن خلاله زراعة أي نوع من المحاصيل.
تحتفظ الشهور المصرية القديمة بمعانٍ وأمثال تعكس تفاعل الإنسان المصري مع الطبيعة عبر التاريخ. تلك الأمثال ليست مجرد كلمات، بل تعبيرات حيّة عن تراث مصري متجذر في عمق التاريخ، يمزج بين الفصول الزراعية والطقوس الدينية والمواسم المناخية. الفلاح المصري لا يزال يعتمد على هذه الشهور لتنظيم حياته اليومية وأعماله الزراعية، مما يعكس استمرار ارتباطه الوثيق بالأرض والسماء.