تَكَلَّمْ كَما يَبْدُو لَكَ، وَلا خَوْفَ مِنَ الْمُبالَغَةِ، لا ضيقَ عَلَيْكَ، تكلَّم بحرية تامَّة عن حال الإخوان فى تركيا، حدث ولا حرج. ولفهم صمت مريب، قلوبهم واجفة، وحلوقهم جافة، وعيونهم معلقة بالشاشات فى اسطنبول يتابعون الحفاوة الرئاسية التركية بالرئيس السيسى فى العاصمة «أنقرة».
تخيل أن إخوانجى هارب إلى اسطنبول حالته حالة، كالفأر مذعور، آخر ما كانوا يتخيلونه: السيسى فى أنقرة، لسان الحال: يا ليتنى مت قبل هذا اليوم وكنت نَسْيًا منسِيًّا.
أيامهم سودة، ستمر ثقيلة، سيدخلون بياتًا شتويًا قارسًا، مثلهم مثل الضفادع يصدر عنهم «نقيق»، صوت الضفدع، تغريدات كالنواح، وفسفسات كلطم الخدود، وكأن لهم ميتًا. مأتم فى بيوت الإخوان والتابعين، حوائط الفيس مجللة بالسواد.
أرامل البنا فى قعور البيوت فى اسطنبول يعتورهن حزن السنين، إخوان الشتات فى صدمة، أُخذوا على حين غرة، ولا فى الخيال، أسوأ كوابيسهم، إذ فجأة ضربتهم الصاعقة، دارت بهم الأرض دورة كاملة، سقطوا من جسر «جالاتا القديم» على البسفور.
الإخوانى فى اسطنبول حالته حال «اللمبى»، وطفق يبهلل كالبهلول المهبول: «إيه اللى جاب القلعة جنب البحر؟»، إيه اللى جاب السيسى أنقرة، حلم ولا علم، أردوغان يستقبل السيسى.. ويلتقطان صورة صداقة دائمة. يا داهية دقى!!.
إخوان الشتات يعانون فزعًا وهلعًا وهلاوس سمعية وبصرية، وزغللة فى رؤية المستقبل القريب، يصحون من نومهم المتقطع يبسلمون ويحوقلون ويتعوذون، كابوس رهيب جاثم فوق الصدور، يخشون بشدة، سيطردهم أردوغان عاجلًا من اسطنبول، وأين يذهبون، لندن غلّقت الأبواب.. وفتحت أبواب «رواندا» مأوى!!. مثل حفارى القبور، طفقوا يحرثون الأرض من تحت أقدامهم بحثًا عن ملاذ آمن، الأرض ضاقت بما رحبت، الدنيا ضيقة قوى، لا قطر طلباهم، ولا تركيا طايقاهم، تخيل بلغت بهم المأساة مبلغها، حالتهم عدم، وتمتماتهم ندم، جزاء الخيانة، تصدق فيهم محاكمة والى عكا الخائن من فيلم «الناصر صلاح الدين»، ومن أجل ذلك يا عدو الله أمرنا أن تنال عقاب المفسدين، وما عقاب الذين خانوا الأمانات ويكيدون لإخوانهم ويلقون الفتنة ويفسدون فى الأرض بعد إصلاحها.. (راجع مشهد المحاكمة فى الفيلم).
ثغاء الخرفان بات صياحًا، يحوقلون ويستعيذون، حالتهم حالة الأستاذ «حكم» فى فيلم «السفيرة عزيزة» تحت السكين، تحت المقصلة: الغوث.. النجدة.. الغوث.. يا لطيف.
إخوان الداخل ليسوا بأفضل حال، بؤساء، يهرتلون، لا هم على حامٍ ولا هم على بارد، تقطعت بهم السبل، وحوصروا فى شِعْب ضيق، الإخوانى بات صدره ضيقًا حرجًا كأنما يصّعّد فى السماء.. مش قادر ياخد نفَسه من وقع الصدمة، صدمة زيارة السيسى لأنقرة.
لو هناك سبب إضافى للتواصل مع تركيا، فهو غلق ملف الإخوان، مهم الفصل بينهم وبين وتركيا.نكسة العمر للإخوان، فى تجمعاتهم تسمع عجبًا، حيارَى عطاشَى والقدَر خدهم فى موجة عاتية لخبطت حياتهم. يا حزن السنين السودة، الإخوان حائرون.. يفكرون.. يتساءلون فى جنون، وعلى الطريقة الحكيمية (لصاحبها المطرب الجميل حكيم) يتساءلون: «إيه اللى بيحصل ده.. إيه اللى أنا شايفه ده؟».
خلاصته، كلٌّ يلزم مكانه وينتظر الحساب، والحساب قادم، وستدفعون ثمن الخيانة، الإخوان كانوا ولايزالون يختانون وطنهم فى المضاجع الخارجية.. جماعة شمال سياسيًّا!.