في عالم السياسة المعقد والمليء بالتحديات، يبدو أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو قد تجاوز حدود السياسة الواقعية إلى عالم من الأوهام والعدوانية المفرطة. تصريحاته الأخيرة حول محور فيلادلفيا، وتهديده للمقاومة الفلسطينية بعواقب وخيمة، تكشف عن شخصية تعيش في حالة من الهوس الأمني والعدواني، لدرجة تستدعي تقييمًا نفسيًا قبل أن يكون تقييمًا سياسيًا.
خيال نيتنياهو السياسي
من المؤكد أن نيتنياهو يعيش في عالم من الخيال السياسي، حيث يعتقد أن الحلول العسكرية والعنف يمكن أن تحقق له الأمن والاستقرار. محور فيلادلفيا، أو كما يسميه الاحتلال محور “صلاح الدين”، لم يكن يومًا جزءًا من معادلة الحلول السلمية. إنه رمز للاحتلال والقمع، ويدل على استمرار السياسات الإسرائيلية العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني.
نيتنياهو يبدو وكأنه لا يدرك أن المقاومة الفلسطينية، وبالرغم من كافة الصعوبات والحصار، لا تزال صامدة ومتمسكة بموقفها. إذا كان يعتقد أن التهديدات والمزيد من القصف سيجبر حركات المقاومة على الاستسلام، فهو في حاجة إلى مراجعة جادة لمواقفه. لقد أثبتت العقود الماضية أن الاحتلال لا يمكنه كسر إرادة شعب بأكمله من خلال القوة العسكرية وحدها.
نتنياهو: رئيس حكومة الاحتلال الغارق في أوهامه
تصريحات نيتنياهو التي أطلقها خلال مؤتمر صحفي بالقدس المحتلة تعكس حالة من الانفصال التام عن الواقع. لم يكن الاحتلال يومًا حلاً، بل هو الجذر الأساسي للمشكلة. حديثه عن محور فيلادلفيا وكأنه شريان حياة للمقاومة الفلسطينية، هو في الحقيقة محاولة يائسة لتبرير جرائمه المستمرة بحق الفلسطينيين. فخروج الجيش الإسرائيلي من هذا المحور في 2005 كان خطوة ضرورية لتخفيف الضغط عن قطاع غزة، لكنه الآن يحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وكأن الزمن قد توقف عنده.
الوضع الإنساني في غزة: كارثة إنسانية بفعل الحصار والعدوان
وفي الوقت الذي يواصل فيه نيتنياهو حديثه عن “محور الشر الإيراني” وتهديدات المقاومة الفلسطينية، يغفل الحقيقة الأكثر وضوحًا: أن العدوان الإسرائيلي هو المصدر الأساسي للمعاناة والدمار في قطاع غزة. المئات من الغارات الجوية والقصف المدفعي اليومي، الذي يستهدف الأبرياء، والقيود الخانقة على الوقود والمساعدات الإنسانية، كل هذا يهدف إلى كسر روح المقاومة لدى الفلسطينيين. لكن، في الواقع، هذه السياسة لم تؤد إلا إلى مزيد من الصمود والإصرار على المقاومة.
هل يحتاج نيتنياهو إلى تقييم نفسي؟
تصريحات نيتنياهو وتحركاته الأخيرة تعكس حالة من الهوس والاستبداد، فهو لا يبحث عن حلول سياسية بل عن تدمير شامل لكل من يقف في طريقه. ولكن في النهاية، الشعب الفلسطيني يبقى صامدًا، ويستمر في نضاله من أجل حقوقه المشروعة. قد يحتاج نيتنياهو بالفعل إلى طبيب نفسي يعينه على تجاوز أوهامه، أو على الأقل ليذكره بأن العدوان لا يحقق السلام، بل يؤدي إلى مزيد من الدمار والدماء.