الواد علام جالي النهارده على القهوة، وقعد معايا كإنه جاي من فيلم تشويق، والجو كان مولع من أول دقيقة. علام ده بقى، معروف إنه مبيفوتش أي قصة سخنة من غير ما يدخل فيها بتعليقاته الحارقة.
قال لي: “بص يا كبير، عندي لك حكاية تفتح النفس على الآخر. حكاية كده زي اللي بتسمعها في الأفلام، عن أثيوبيا.”
قلت له: “أحكي يا علام، منتظرين منك العجب.”
قال لي: “بص يا معلم، فيه مغامرة كبيرة حصلت، أختنا أثيوبيا قررت إنها تلعب لعبة خطيرة، راحت واتفقت مع إسرائيل على صفقة من النوع اللي يخليك تحس إنك في فيلم تجسس. إشتروا منهم أجهزة رادار وتشويش حديثة جدًا، من النوع اللي يخلي الطيارات المقاتلة نفسها متلخبطة ومش عارفة تروح فين.”
قلت له: “هو إيه الحكاية؟ ناويين يحاربوا ولا خايفين يتضربوا؟”
رد علام وهو بيهز دماغه: “أقول لك إيه يا معلم، واضح إنهم عايزين يكونوا مستعدين لأي سيناريو. المهم، الأجهزة دي مش مجرد شوية حديد وكهرباء، دول بيقولوا إنها بتشوش على أي حاجة وأي حد، لا طيارات ولا دبابات هيعرفوا يشتغلوا لو الأجهزة دي اشتغلت. ليلة سودة بجد!”
أنا بصيت له بتركيز، وحسيت إن الموضوع مش سهل زي ما كنت فاهم
قلت له: “هو إيه الحكاية يا علام؟ أثيوبيا ناوية تحارب ولا خايفة تنضرب ولا إيه الحكاية؟”
رد عليا علام وهو متحمس: “بص يا معلم، اللي بيحصل دا مش هزار. أثيوبيا قررت تلعبها كبير، جابت التكنولوجيا الإسرائيلية اللي بتشوش على أي حاجة في الجو، يعني الطيارين هيحسوا إنهم في عز الضباب! ولا حد هيشوف حاجة ولا دبابات ولا طيارات، كأنك بتلعب لعبة القط والفار، بس من غير ما تشوف القط أساسًا.”
بصيت له بتركيز، وحسيت إن القصة بتسخن أكتر.
علام كمل وقال: “الموضوع مش بس إنهم إشتروا الأجهزة، ده كمان عاملينها فيلم مخابراتي! أثيوبيا راحت قالت لإسرائيل: ‘بصوا بقى، إحنا عايزين الحاجات دي توصل لنا من غير ما حد يحس. نعمل إيه؟’ قعدوا يخططوا وفكروا وقالوا: ‘نعمل عملية سكاتي، نشحن الحاجات في حاويات، ونخلي شركة فرنسية هي اللي تتكفل بالموضوع، ومحدش هيعرف حاجة.'”
قلت له: “فكرة شيطانية بجد، مين بقى اللي شحن الحاويات؟”
رد علام بابتسامة عريضة: “شركة فرنسية كبيرة، زي اللي بتقدر تشحن من الإبرة للصاروخ. جهزوا الحاويات، وحملوها على السفينة. الحاويات طلعت على البحر وكأنها ماشية على سجادة حمراء، الدنيا ماشية زي الساعة.”
قلت له: “كويس قوي، أكيد الحاجات وصلت على خير؟”
علام قالي: “أهو ده اللي كان متوقع. لكن بقى المفاجأة الحقيقية جات في النص لما الحاويات دي وهي في نص البحر… إختفت! إختفت يا معلم كأن البحر قرر ياخدها في حضنه وما يسيبهاش! لا صوت ولا خبر، كأنهم ماشوا في 60 داهية.”
صعقت وقلت له: “وإثيوبيا وإسرائيل عملوا إيه بقى؟”
علام ضحك وقال لي: “بقوا يدوروا شمال ويمين، ويسألوا: ‘حد شاف الحاويات؟ حد يعرف راحت فين؟’، ولا حياة لمن تنادي. الدنيا اتسكتت كأن المية بلعتهم.”
قلت له: “طب إيه اللي حصل بعد كده؟”
قال لي: “المخابرات الفرنسية نفسهم اتحيروا وقالوا إيه اللي حصل؟ طلعوا بيان على موقعهم الشهير ‘أفريكان إنتليجانس’، الموقع ده بيتكلم فرنساوي تقيل، وقالوا فيه: ‘فيه طرف مجهول، ذكي جدًا، هو اللي وراء اختفاء الحاجات دي. ده طرف شغال بحرفية لدرجة إنه دمر التقنيات الإسرائيلية المتطورة دي!'”
علام وهو بيشرب قهوته على مهل، نزل السبحة من إيده وقال لي: “ربنا يجعله عامر!”