من بين الرموز الصحفية الرائدة والمؤثرة، والتى تمثل علامة مضيئة على مستوى المهنة والعمل النقابى معًا، تبرز الكاتبة الصحفية الكبيرة الأستاذة أمينة شفيق، التى تحتل مكانة كبيرة ومرموقة فى نفس كل مَن تعامل ويتعامل معها، فهى بصدق أستاذة أجيال من الصحفيين، وتظل مسيرة حياتها- متعها الله بالصحة ودوام العافية- ملهمة لكثيرين من شباب الصحفيين والصحفيات، وهى لذلك تستحق كل احتفاء واحتفال وتقدير، ليس من جانب مؤسسة الأهرام التى تنتمى لها الأستاذة أمينة مهنيًّا، أو من جانب نقابة الصحفيين حيث تنتمى لها نقابيًّا، وإنما أيضًا من خلال كليات ومعاهد وأقسام الإعلام، والجهات المنظمة للعمل الصحفى والإعلامى فى مصر للاستفادة من خبراتها الصحفية العميقة ومسيرتها المهنية الممتدة لسنوات طويلة. ارتبطت الأستاذة أمينة شفيق منذ مرحلة مبكرة من حياتها بجريدة «الأهرام»، وفى الجريدة القومية اليومية ارتبطت بقضايا العمال والفلاحين، حيث أجرت التحقيقات والحوارات وكتبت المقالات، التى أكدت فيها قيمة ومكانة هذا المكون من مكونات الجماعة الوطنية المصرية، وما يواجهونه من مشكلات وتحديات وما يتطلعون إليه، وهى كثيرًا ما تتحدث وتكتب عن عمال المحلة الكبرى ومصانعهم التى تفوقت على كثير من مصانع العالم، وأصبح لمنتجاتها اسم كبير فى الداخل والخارج، مؤكدة فى كتاباتها وأحاديثها الإذاعية والتليفزيونية أهمية التصنيع والإنتاج والتصدير ليرتفع شعار «صُنع فى مصر». ارتبطت أيضًا بالقضية العربية الأم، حيث القضية الفلسطينية، وبالأخص معاناة الأطفال والنساء والشيوخ، باعتبارها الفئات الأكثر تضررًا من المذابح التى يمارسها الكيان المحتل، وهى تؤكد دومًا الحاجة إلى الوحدة والتضامن لاستعادة الأرض المحتلة. ومن أهم القضايا التى ناصرتها أيضًا حقوق المرأة ومكانتها فى المجتمع، ولها عدد من الكتابات فى مجال المرأة والمجتمعات الحضرية، ومن مؤلفاتها: المرأة العربية وتعليم العمال، والمرأة العاملة العربية والتطور الاقتصادى. وهى تكتب مقالًا نصف شهرى فى جريدة «الأهرام»، وقد صار مقالها عنوانًا للثقافة والتنوير، يتميز بالعمق والرصانة ووفرة المعلومات، حيث تحرص فى مقالاتها على تبنى قضايا جادة ومناقشة موضوعات حيوية. كنت أتابع كتاباتها ومقالاتها منذ المرحلة الجامعية، وإن شاءت الظروف أن أتعرف إليها فى أنشطة ولقاءات منتدى حوار الثقافات، كما زاملتها- وأنا التلميذ- فى لجنة المواطنة وحقوق الإنسان بالمجلس الأعلى للثقافة، دورة 2017- 2019م، فعرفت من خلال أحاديثها الكثير من القيم الحياتية والضوابط المهنية، وأتذكر أنها قالت ذات يوم لمجموعة من شباب الإعلاميين إنها سافرت كثيرًا حول العالم، ولكنها تشعر بسعادة بالغة حين تأتيها دعوة لزيارة واحدة من محافظات الصعيد حتى تتعرف بالأكثر على المجتمع المصرى الذى تعمل فيه وتكتب لجمهوره. آمنت أستاذتنا بدور الأزهر الشريف والكنيسة القبطية فى بناء مجد مصر الحديث والمعاصر، وهى كثيرًا ما تلتقى رجال الدين من الجانبين لتتحدث عن قضايا المواطنة والحوار والتسامح والتعاون والعيش المشترك والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وغيرها من منظومة القيم. مرت الأستاذة «أمينة شفيق» بخبرات كثيرة ومتنوعة، فقد حصلت على بكالوريوس الصحافة من الجامعة الأمريكية عام 1957م، وبدأت العمل بالصحافة وهى طالبة بمجلة «الجيل الجديد» وجريدة «أخبار اليوم»، كما عملت محررة بقسم الأخبار فى جريدة «المساء» خلال الفترة 1957- 1960م، ثم محررة بجريدة «الأهرام». وقد اشتهرت بتحقيقاتها الصحفية الجريئة أثناء فترة العدوان الثلاثى على مصر، عندما تسللت إلى بورسعيد فى زى صيادى الأسماك لتتمكن من إجراء تحقيق عن المقاومة الشعبية. وتميزت بنشاطها الاجتماعى والسياسى، حيث كانت عضوًا فى المجلس القومى للمرأة، وعضوًا فى اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفى لنقابة الصحفيين عام 2017م، وانضمت إلى منظمة الوحدة الإفريقية الآسيوية عام 1985م، ورابطة المرأة العربية، وحزب التجمع. تحمل الأستاذة أمينة شفيق على كتفيها نشاطًا نقابيًّا بارزًا، حيث انتُخبت عضوًا فى مجلس نقابة الصحفيين أكثر من مرة، وبإجماع ساحق منذ عام 1971م، واستمرت عضويتها حتى نهاية التسعينيات من القرن العشرين، باستثناء فترات قصيرة، وفى مجلس النقابة تولت موقع أمين الصندوق أكثر من مرة، (مارس 1983م، مارس 1985م، مارس 1993م)، وموقع سكرتير عام النقابة، (مارس 1989م، مارس 1991م)، وعملت مع أكثر من نقيب هم الأساتذة على حمدى الجمّال وعبدالمنعم الصاوى ويوسف السباعى وصلاح جلال وإبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد. وفى النقابة تبنت قضايا المهنة، ودافعت عن حرية الصحافة وحقوق الصحفيين. وبالإجمال، فإن الأستاذة أمينة اسم على مسمى، فهى «أمينة» على منظومة القيم الحياتية، وهى «أمينة» على قيم المهنة الصحفية.