تواجه مصر والعالم تحولات مناخية غير مسبوقة، كما أشار الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز معلومات المناخ بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إلى أن الصيف الحالي شهد زيادة ملحوظة في قوة المنخفضات المدارية والحرارية. هذه الظاهرة ليست مجرد تطور عابر، بل تعكس بشكل واضح تأثير الاحتباس الحراري الذي يساهم في سخونة الطقس بشكل عام في نصف الكرة الشمالي.
هذه التغيرات المناخية ليست مجرد تحذير مبكر، بل هي واقع يجب التعامل معه بجدية. وفقًا لهيئة الأرصاد الجوية، فإن الخريف القادم سيشهد بداية قوية من حيث الأمطار الخريفية المبكرة وزيادة كبيرة في الرطوبة الجوية، وهي عوامل يمكن أن تؤدي إلى تطورات غير متوقعة في المناخ المصري. فهيم أشار إلى أن هذه الظروف ستستمر خلال فصل الخريف، حيث ستبقى درجات الحرارة مرتفعة، مما يساهم في تمدد المنخفضات باتجاه مصر. ومع تحرك منخفضات حوض البحر المتوسط التي تحمل كتل هواء معتدلة، ستكون هناك حالات عدم استقرار جوي، مما قد يؤدي إلى عواصف رعدية قوية وأمطار خريفية مبكرة، خصوصًا في مناطق شمال الدلتا وسيناء وجبال البحر الأحمر.
هذا التحول في الطقس ليس فقط مسألة علمية، بل يحمل تداعيات عملية على الزراعة والبيئة. من المتوقع أن يحدث انخفاض حقيقي في درجات الحرارة خلال الفترة القادمة، مما يشير إلى بداية الانتقال من الصيف إلى الخريف. هذا التحول سيؤثر على شدة الطاقة الحرارية ويؤدي إلى زيادة الفروقات بين درجات حرارة الليل والنهار، وزيادة تكوين الندى والرطوبة الجوية، بالإضافة إلى تحول اتجاهات الرياح لتكون غالبًا شمالية غربية إلى غربية.
هذه الظروف تفرض تحديات كبيرة على القطاع الزراعي. مع اقتراب موسم زراعة “البطاطس الشتوية والفراولة”، من الضروري أن يأخذ المزارعون هذه التغيرات المناخية في الاعتبار. يجب التأكد من وجود نظام صرف مياه فعال وضبط ميول الأرض لتجنب تجميع الأمطار في الأماكن التي قد تضر بالمحاصيل. التحذير الأكبر يأتي من احتمال انتشار الحشرات حرشفية الأجنحة مثل ديدان الأوراق والثمار، والأمراض المرتبطة بالرطوبة مثل البياض الزغبي وأعفان الثمار. هذه التحديات تتطلب استعدادات دقيقة لتجنب تأثيرها السلبي على الإنتاج الزراعي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تأثيرات مباشرة على امتصاص النباتات لبعض العناصر الهامة مثل الفسفور، مما قد يؤدي إلى مشاكل مثل سرولة البطاطس وجفاف أطراف أوراق البصل في المشاتل والحقل المستديم. هذه الظواهر تشير إلى ضرورة تعديل استراتيجيات الزراعة وإدارة المحاصيل لمواجهة التحديات الجديدة التي يفرضها التغير المناخي.
من الواضح أن التغيرات المناخية التي نشهدها ليست فقط تحديًا بيئيًا، بل هي أيضًا تحدٍ اقتصادي وزراعي يتطلب استجابة فورية وتخطيطًا استراتيجيًا على المستوى الوطني. علينا أن ندرك أن هذه التغيرات ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي جزء من نمط جديد يتطلب منا التكيف والابتكار لضمان استدامة مواردنا الزراعية وحماية اقتصادنا من تأثيراتها السلبية.