في خطوة تاريخية تعزز من التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، شهدت مدينة نيويورك الأسبوع الماضي إعلان تأسيس وإطلاق “شبكة الطلاب العالمية من أجل فلسطين” (GSPN)، والتي تعتبر الآن أكبر شبكة طلابية للحراكات العالمية من أجل فلسطين. تضم هذه الشبكة مئات الفرق الطلابية من مختلف الجامعات حول العالم، حيث تبدأ من الولايات المتحدة وأوروبا وتمتد لتشمل إفريقيا وعددًا من الدول العربية والإسلامية. هذا الإعلان يأتي في وقت تتزايد فيه الحركة الدولية الداعمة لفلسطين، حيث يسعى الطلاب والناشطون الشباب حول العالم إلى استخدام أصواتهم وقوتهم الجماعية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني.
هذه الشبكة الجديدة، التي تم الإعلان عنها الأربعاء الماضي، جاءت استجابةً للحاجة الملحة إلى تنظيم الحراك الطلابي المتزايد على مستوى العالم لصالح فلسطين. تجمع الشبكة تحت مظلتها ناشطين طلابيين، ومنظمات، واتحادات طلابية من مختلف الجامعات، وذلك بهدف تكثيف الجهود لمقاطعة الاستثمارات الإسرائيلية في الجامعات، ووقف ما يعتبرونه حربًا مستمرة على الشعب الفلسطيني. كما تهدف إلى التصدي لسياسات الإبادة الجماعية التي تُتهم إسرائيل بتنفيذها في الأراضي المحتلة.
في بيان إطلاقها، أكدت الشبكة التزامها بتوفير منصة آمنة وموثوقة للناشطين الطلابيين، لتبادل الاستراتيجيات والتجارب، وتعزيز التعاون العالمي. هذه المنصة لا تُعد فقط موردًا حيويًا للناشطين، بل تُشكل أيضًا دعمًا قويًا للطلاب من خلال تقديم المساعدات الأكاديمية والمعرفة القانونية اللازمة، إلى جانب الاستفادة من الرؤى المستخلصة من الحملات الطلابية السابقة، سواء كانت ناجحة أو فاشلة. هذا النهج القائم على التعلم من الماضي، يعزز من فرص النجاح للحملات والاحتجاجات التي تقودها الشبكة مستقبلًا.
من جهة أخرى، تُولي شبكة GSPN اهتمامًا خاصًا بالطلاب المدافعين عن فلسطين في المجتمعات النائية أو المعزولة. حيث تسعى الشبكة إلى تزويد هؤلاء الطلاب بالأدوات والدعم والمعرفة اللازمة لتنفيذ استراتيجيات فعالة، وتعزيز تأثيرهم في أماكن تواجدهم. يُشير القائمون على هذه المبادرة إلى أن هذا الدعم ليس فقط مسألة توفير الموارد، بل يتعلق أيضًا ببناء شبكة متكاملة من الناشطين الطلابيين الذين يمكنهم العمل معًا لتحقيق أهدافهم المشتركة.
التزام شبكة GSPN بتضخيم الأصوات الفلسطينية على المستوى العالمي يُعد من بين أهم أهدافها. إذ تعمل الشبكة على رفع الوعي العالمي بالمقاومة الفلسطينية، وتنسيق الاحتجاجات والحملات من أجل تحقيق العدالة. في هذا السياق، تُركز الشبكة على أربعة أهداف أساسية: الدفاع، والتعليم، والعمل، والوحدة. هذه الأهداف تُعبر عن رؤية الشبكة لمستقبل الحراك الطلابي العالمي، حيث يتكاتف الطلاب من مختلف أنحاء العالم للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، ونشر التعليم حول القضية الفلسطينية، واتخاذ إجراءات فعالة، مع الحفاظ على وحدة الصف بين جميع الناشطين.
بالإضافة إلى ذلك، دعت شبكة GSPN الجامعات حول العالم إلى اتخاذ موقف حازم ضد أفعال الكيان الصهيوني. وطالبت الجامعات بدعم حق الطلاب في الاحتجاج، وإنهاء جميع العلاقات مع المؤسسات التعليمية والبحثية الإسرائيلية، وسحب الاستثمارات من جميع الشركات الإسرائيلية وتلك التي تدعم الاحتلال. هذه الدعوة تُظهر التزام الشبكة بتحقيق تغييرات ملموسة في السياسات الجامعية التي تتعلق بالعلاقات مع إسرائيل.
لم يقتصر نداء الشبكة على الجامعات فقط، بل وجهت أيضًا دعوة لجميع الناشطين الطلابيين، والمنظمات، والحلفاء للانضمام إلى هذه الحركة العالمية. وأكدت الشبكة أن هذه الحركة تُعد في هذه المرحلة من تاريخنا جزءًا حيويًا من حركة العدالة العالمية، وأنها تُشكل رأس حربة التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. هذا النداء يأتي في وقت يتزايد فيه الوعي الدولي بالقضية الفلسطينية، وتتعاظم فيه جهود التضامن مع الفلسطينيين في مواجهة ما يُوصف بالاضطهاد والاحتلال.
إطلاق شبكة الطلاب العالمية من أجل فلسطين يمثل تطورًا مهمًا في مسار التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية. إذ يُتوقع أن تُسهم هذه الشبكة في تعزيز الحراك الطلابي العالمي، وتوفير منصة قوية للتواصل والتعاون بين الطلاب المدافعين عن حقوق الفلسطينيين. ومع مرور الوقت، قد تتحول هذه الشبكة إلى قوة مؤثرة قادرة على إحداث تغييرات ملموسة في السياسات والمواقف الدولية تجاه إسرائيل وفلسطين. من خلال التزامها بالدفاع، والتعليم، والعمل، والوحدة، تُرسل شبكة GSPN رسالة واضحة: أن التضامن الطلابي مع فلسطين لا يعرف حدودًا، وأن الجيل الجديد من الناشطين مستعد لمواجهة التحديات والوقوف إلى جانب العدالة في كل مكان.