في أجواء مفعمة بالروحانية والأصالة، شهد مهرجان القلعة للموسيقى والغناء في دورته الـ32، والذي يقام سنويًا في قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، حضورًا كبيرًا لمحبي الموسيقى والغناء من مختلف الفئات العمرية والثقافية. هذا المهرجان الذي يعتبر من أبرز الأحداث الفنية في مصر، يقدم مزيجًا فريدًا من الفنون الموسيقية التي تجمع بين التراث المصري القديم والتجديدات الفنية الحديثة، مع الحفاظ على روح الأصالة والهوية الثقافية المصرية.
وكانت إحدى أبرز فعاليات المهرجان الحفل الذي قدمه شيخ المنشدين الصوفيين، الشيخ ياسين التهامي. الشيخ التهامي، الذي يتمتع بشعبية كبيرة ومكانة خاصة بين عشاق الفن الصوفي، قدم خلال حفله مجموعة من أبيات الشعر الصوفي وقصائد المديح النبوي والابتهالات، التي لاقت تفاعلًا كبيرًا من الجمهور الذي حضر الحفل بكثافة. استطاع الشيخ ياسين التهامي بقدرته الفريدة على التفاعل مع الجمهور، أن يخلق حالة روحانية خاصة على مسرح القلعة، حيث توافد الحضور من مختلف الثقافات والفئات العمرية ليستمتعوا بأداء التهامي الفريد والمميز.
رفع الحفل شعار “كامل العدد”، مما يعكس مدى الإقبال الكبير على هذا النوع من الفعاليات الفنية والثقافية، وهو ما يبرز المكانة التي يحظى بها الشيخ ياسين التهامي على الساحة الفنية المصرية. وقد اختتم التهامي حفله برسالة أمل وتفاؤل قائلاً: “إن شاء الله النصر قريب والفرج قادم وأعلم لهذا الكون رب رحيم”. هذه الكلمات الختامية أضفت على الحفل بعدًا روحانيًا ومعنويًا عميقًا، مما زاد من تفاعل الجمهور وجعل الحفل لحظة مميزة في تاريخ المهرجان.
ولا يقتصر مهرجان القلعة على الفن الصوفي فحسب، بل يتضمن برنامجًا غنائيًا وموسيقيًا متنوعًا يشمل العديد من الفنون والأنواع الموسيقية. فقد شارك في هذه الدورة نخبة من الفنانين والموسيقيين المصريين، من بينهم الفنانة نسمة عبد العزيز، والفنانة كارمن سليمان، وفرقة الموسيقى العربية بالاشتراك مع مركز تنمية المواهب. كما شهدت الفعاليات مشاركة فنانين بارزين مثل لؤي، وحمزة نمرة، وهشام عباس، ونادية مصطفى، وعلي الحجار، إلى جانب فرق موسيقية متنوعة قدمت عروضًا مميزة على مسرح القلعة.
إضافة إلى ذلك، تضمن المهرجان عروضًا موسيقية عربية وأجنبية، مما أضاف بعدًا دوليًا للفعاليات. من بين هذه العروض كان هناك مشاركة لأوركسترا القاهرة السيمفوني، وكذلك عروض من الفنانة نسمة محجوب، والفنان مدحت صالح، والفنان عمر خيرت، والعديد من العروض الفنية العالمية بالتعاون مع قطاع العلاقات الثقافية الخارجية.
يمثل مهرجان القلعة فرصة مميزة لعشاق الموسيقى والغناء للاستمتاع بباقة متنوعة من الفنون التي تسهم في تعزيز الحركة الثقافية والفنية في مصر. هذا المهرجان الذي يجمع بين الأبعاد الثقافية والتاريخية والجمالية في موقع قلعة صلاح الدين الأيوبي، يعد واحدًا من أهم المهرجانات الفنية التي تستقطب السائحين والزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث يشكل منصة لعرض الفنون التقليدية المصرية والمواهب الناشئة، مما يعزز من دور مصر الثقافي والفني على الصعيدين المحلي والدولي.
ومع استمرار فعاليات مهرجان القلعة في دورته الـ32، يواصل الجمهور تفاعله الكبير مع الفعاليات المختلفة التي تعكس ثراء وتنوع الثقافة المصرية. ومن خلال هذا المهرجان، يتمكن عشاق الفن من التواصل مع جذورهم الثقافية والفنية، في تجربة فريدة تجمع بين الأصالة والتجديد، بين التراث الصوفي والموسيقى الحديثة. يعتبر هذا الحدث السنوي رمزًا لأهمية دعم وتشجيع الحركة الفنية والثقافية في المجتمع المصري، في وقت تحتاج فيه الفنون إلى دعم مستمر للحفاظ على هويتها وتطويرها.