انفضت مباحثات جنيف الخاصة بوقف الحرب في السودان دون أن تفي بوعودها في إخماد النيران المشتعلة منذ أبريل من العام الماضي، حيث تركت خلفها آثارًا محدودة من الأمل ولكنها لم تُسهم في تحقيق الاستقرار الذي يتوق إليه السودانيون. على الرغم من التأكيد على بعض الإيجابيات، كالاتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية عبر منفذين، إلا أن محادثات جنيف أخفقت في تقديم حل جذري للأزمة المستمرة.
تشكيل التحالف الدولي: غموض واختلافات
في ختام الجلسات، أعلن المشاركون عن تشكيل “التحالف الدولي من أجل السلام وإنقاذ الأرواح في السودان”، والذي يضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. غير أن التحالف الجديد جاء محاطًا بالغموض، حيث لم يتم توضيح دوره بشكل مفصل أو تحديد آليات عمله بوضوح. يبدو أن هذا التحالف سيعمل على حماية المدنيين والسعي لتحقيق السلام، ولكن دون تقديم خطة واضحة لتنفيذ هذه الأهداف.
دعوات للوقف الفوري لتسليح المدنيين وفرض الحظر
تزايدت الدعوات من أكثر من 60 تجمعًا مدنيًا وسياسيًا، مع التركيز على الأبعاد النسوية، منذ بداية العام الجاري. فقد طالبت هذه الجماعات بوقف تسليح المدنيين وفرض حظر على طيران الجيش، بالإضافة إلى الضغط على الأطراف المتصارعة لإنهاء الصراع. وفي حال رفض الأطراف الالتزام بوقف القتال، طالبوا بفرض عقوبات عليها وإحالة جرائمها إلى محكمة الجنايات الدولية.
تحليلات حول التحالف الدولي وتدخل عسكري محتمل
يرى بعض المحللين السياسيين أن إعلان التحالف الدولي قد يكون مقدمة لتحالف عسكري، في ظل صعوبة اتخاذ قرار دولي من مجلس الأمن بسبب الانقسامات بين الدول الأعضاء. المحلل السياسي حاتم إلياس يشير إلى أن التحالف يستند إلى مفهوم التدخل لأغراض إنسانية، وهو مبدأ قديم في القانون الدولي، ولكن قد يتم توظيفه لتنفيذ تدخل عسكري في السودان.
إلياس يضيف أن التحالف الدولي يهدف إلى تجنب عرقلة القرارات في مجلس الأمن بواسطة روسيا والصين، ويتطلع إلى اتخاذ قرارات من داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد يشير عدم استقلالية الحكومة السودانية في بورتسودان إلى أن التحالف سيتخذ خطوات مستقلة لإنقاذ الشعب السوداني والحد من تأثيرات الحرب على الاستقرار الإقليمي.
تجارب سابقة وتحديات التدخل العسكري
تشير تجارب التدخل العسكري السابقة، مثل “تحالف الراغبين” ضد العراق و”التحالف الدولي العسكري” في ليبيا، إلى أن التدخلات العسكرية خارج إطار مجلس الأمن قد تكون لها نتائج كارثية. وقد يشكل هذا سابقة مخيفة تثير القلق بشأن الآثار المحتملة لأي تدخل عسكري في السودان.
التوقعات والتحديات المستقبلية
في سياق متصل، يرى المحلل السياسي الجميل الفاضل أن التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي تشير إلى احتمال وجود تدخل عسكري استنادًا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، خاصة في ظل عدم تحقيق تقدم كبير في المفاوضات. ووفقًا للفاضل، فإن التحالف الدولي قد يكون مضطراً للانتقال إلى خطة بديلة تتضمن استخدام القوة إذا فشلت محاولات المفاوضات.
وقد أعرب عمر الدقير، رئيس حزب “المؤتمر السوداني”، عن قلقه من تصاعد المواجهات العسكرية بعد فشل المباحثات، مما يعزز من مخاوف استمرار الأزمة دون أفق واضح للحل.
خاتمة
تبقى الأوضاع في السودان غامضة ومرشحة لمزيد من التصعيد في ظل التعقيدات السياسية والعسكرية الحالية. بينما تظل آمال السلام متوقفة على التحركات المستقبلية للجهات الدولية والمحلية، يتطلع السودانيون إلى حلول جذرية تضمن لهم الاستقرار والأمان.