لطالما كانت المملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين، والقريبة لقلوب المسلمين من كل أنحاء العالم، رمزاً للكرم والجود والضيافة. إلا أن هذا النور الساطع دائماً ما يحاول البعض تشويهه وتقديم صورة مغايرة تماماً للواقع. وتأتى أحدث هذه المحاولات البائسة جاءت عبر الفيلم الهندي “حياة الماعز” (GOAT LIFE)، الذي يحمل افتراءات وأكاذيب عن المملكة وشعبها.
وأنا كاتب قبطي مصري، أشعر بضرورة الدفاع عن بلاد احتضنت العمالة المصرية وكانت ملاذاً للعديد من أبنائي وأصدقائي، المسلمين او الأقباط الذين ذهبوا للعمل هناك، وقدمت المملكة نموذجاً للتعايش والاحترام الديني.
دور السعودية في حياة ملايين البشر
قبل أن ندخل في تفاصيل الرد على الأكاذيب الواردة في الفيلم، أود أن أشير إلى تجربة شخصية مررت بها تعكس جوهر هذا البلد، كنت أسعد كثيراً عندما أزور سفارة المملكة العربية السعودية بالقاهرة للحصول على تأشيرات حج وعمرة كهدايا لأصدقائي المسلمين، الذين كانوا يشعرون بفرحة وهم يتجهون إلى لاداء المناسك الدينية.
1. تزييف القصة في الفيلم
الفيلم يحكى عن قصة عامل هندي جاء إلى المملكة ليعمل تحت كفالة أحد المواطنين، وبدلاً من أن يجد الكرم الذي طالما عُرف به أهل هذه الأرض، يتم استقباله بطريقة قاسية وغير إنسانية، و يُترك في الصحراء لرعاية الماعز والإبل.
هذه القصة تعكس خيالاً مريضاً من قبل صانعي الفيلم ، كيف يمكن لكفيل أن يحضر شخصاً للعمل لديه ثم يعامله بهذه القسوة؟
السؤال الأهم هنا: ما الذي يستفيده هذا الكفيل من ترك عامله في الصحراء؟ أليس من المنطقي أن يحافظ عليه ويوفر له ظروف العمل المناسبة حتى يؤدي عمله بكفاءة؟ إن هذا المشهد يفتقر إلى أي منطق أو عقلانية.
2. رجال الأمن وتطبيق القانون
من أكثر المشاهد استفزازاً في الفيلم هو ذلك الذي يصور رجال الأمن في المملكة وكأنهم يتجاهلون تعذيب العامل الهندي أمام أعينهم دون أن يحركوا ساكناً.
هذه الصورة الكاذبة لا تمثل بأي حال من الأحوال الواقع في المملكة. رجال الأمن في السعودية معروفون بحرصهم على تطبيق القانون وحماية حقوق الجميع دون تفرقة بين مواطن أو مقيم.
ورجال الأمن في السعودية يعتبرون واجبهم حماية كل من يعيش على أرضها، وتطبيق القوانين بصرامة وحيادية.
3. اللغة والتواصل الحضاري
الفيلم يصور السعوديين وكأنهم لا يجيدون التحدث بالإنجليزية، محاولاً تقديمهم بصورة متخلفة وغير متحضرة. هذا الادعاء يجافي الحقيقة تماماً، فالمملكة العربية السعودية بلد عصري يواكب التقدم العالمي في جميع المجالات، والتعليم فيها يشمل اللغة الإنجليزية منذ مراحل التعليم المبكرة. من المثير للسخرية أن يحاول صانعو الفيلم تصوير السعوديين بهذه الطريقة، بينما الواقع يشهد بتطورهم الثقافي والعلمي.
اللغة ليست مقياساً للحضارة، ولكن السعودية تضم عدداً كبيراً من الشباب والشابات الذين يجيدون الإنجليزية، ويعملون في مختلف المجالات التي تتطلب تواصلاً دولياً.
4. الإنسانية في المجتمع السعودي
مشهد آخر في الفيلم يظهر رجلاً سعودياً يساعد العامل الهندي بعد تعرضه للتعذيب، ولكنه يكتفي بإنزاله في السوق ويغادر دون تقديم أي مساعدة إضافية. هذا المشهد هو محاولة فاشلة لتقديم صورة مشوهة عن طبيعة المجتمع السعودي. في الحقيقة، السعوديون معروفون بكرمهم وإنسانيتهم، وهم لا يترددون في مساعدة من يحتاجون للمساعدة بأي شكل من الأشكال.
حكى لى الأصدقاء كيف يتكافل السعوديون في الأزمات والمواقف الصعبة، وكيف يبادرون بتقديم المساعدة لمن يحتاجها، سواء كان مواطناً أم مقيماً.
5. دور الشركات الهندية في متابعة العمالة
أحد الجوانب التي أغفلها الفيلم تماماً هو دور الشركات الهندية التي تقوم بإرسال العمالة إلى الخارج. ومن المعروف أن هذه الشركات تتحمل مسؤولية كبيرة في متابعة أوضاع العمال الذين ترسلهم، وضمان أنهم يعملون في ظروف مناسبة. ولكن الفيلم يتجاهل هذه الحقيقة ويصب تركيزه فقط على تشويه صورة المملكة.
أين كانت هذه الشركات عندما تعرض العامل الهندي المزعوم لهذه المعاملة القاسية؟ ولماذا لم تظهر في الفيلم أي محاولة من قبل هذه الشركات للتدخل أو حل المشكلة؟
6. ملايين الهنود يعيشون بكرامة في السعودية
الفيلم يحاول أن يصور المجتمع السعودي بأنه مجتمع غير إنساني، فلماذا ركز فقط على حالة شخصين فقط من العمالة الهندية؟ هناك ملايين من الهنود يعيشون ويعملون في المملكة العربية السعودية، ويمارسون حياتهم اليومية بكرامة واحترام.
هؤلاء الملايين هم الشهادة الحقيقية على أن ما يقدمه الفيلم ليس إلا كذبة كبيرة. المجتمع السعودي يحتضن هؤلاء العمال ويوفر لهم فرص العمل والحياة الكريمة، وهم يساهمون بدورهم في بناء اقتصاد المملكة. فلماذا لم يتناول الفيلم قصص هؤلاء الملايين الذين يعيشون في المملكة بسلام وكرامة؟
7. تصوير الفيلم في دولة خليجية
من المثير للتساؤل أيضاً أن الفيلم تم تصويره في دولة خليجية أخرى. كيف سمحت هذه الدولة بتصوير فيلم يسيء لجارتها وشقيقتها الكبرى، المملكة العربية السعودية؟ هل كانت على علم بمحتوى الفيلم؟ أم أن صناع الفيلم قاموا بتضليل السلطات في تلك الدولة للحصول على التصاريح اللازمة للتصوير؟ في كلتا الحالتين، يجب أن تتحمل هذه الدولة مسؤوليتها في السماح بتصوير فيلم يسيء إلى دولة شقيقة. العلاقات بين دول الخليج هي علاقات أخوة وتعاون، ولا ينبغي أن تسمح أي دولة خليجية لنفسها بأن تكون أداة في يد من يسعون إلى تمزيق هذه العلاقات من خلال نشر الأكاذيب والافتراءات.
8. الإعلام ودوره في مواجهة الافتراءات
علي الإعلام العربي أن يقوم بدور حقيقي في التصدي لمثل هذه المحاولات المغرضة. لان المملكة العربية السعودية هي ملاذ لكل من يبحث عن فرصة للعمل أو حياة كريمة، وهي دولة تحترم حقوق الجميع وتطبق القانون على الجميع دون تمييز.
يجب أن يبرز الإعلام هذه الحقائق ويدافع عن سمعة المملكة في مواجهة الأكاذيب. و يتحدث بصوت عالٍ وأن يفضح محاولات التشويه التي تقوم بها بعض الجهات المغرضة. و يجب أن يكون هناك تواصل مستمر بين الإعلام العربي والجمهور العالمي لنقل الصورة الحقيقية للمملكة.
9. العلاقات الإنسانية بين الأديان
كقبطي مصري، لا يمكنني إلا أن أعبر عن تقديري واحترامي للمملكة العربية السعودية التي احتضنت على مر العقود مئات الالوف من العمال الأقباط، وتسمح لهم بإقامة صلواتهم بحرية مطلقة.
كنت فى عهد السفير القطان أذهب إلى سفارة المملكة في القاهرة بفرح كبير لأحصل على تأشيرات الحج والعمرة لأصدقائي المسلمين، وأرى في عيونهم السعادة والامتنان. كانت هذه التجربة بالنسبة لي رمزاً للعلاقات الإنسانية الحقيقية التي تتجاوز حدود الدين والجنسية.
المملكة هى مثالاً للتعايش بين الأديان، واحترام حقوق الجميع دون تفرقة. إن مثل هذه الأفلام المغرضة لن تؤثر على هذا الواقع الذي نعرفه جميعاً ونعيشه.
من القيم والمبادئ التي تحافظ على كرامة كل من يعيش على أرضها. إنها دولة تجمع بين الرحمة والعدل، حيث يتم احترام حقوق كل إنسان بغض النظر عن جنسيته أو دينه.
10. استغلال الفن للإساءة: خطورة الأفلام الدعائية
توظيف الفن، كأداة للإساءة والتحريض، هو أمر مرفوض تمامًا. السينما، في الأساس، فن يعكس الواقع أو الخيال بأسلوب يهدف إلى الترفيه، التعليم، أو الإلهام. ولكن عندما تتحول هذه الوسيلة إلى أداة لتشويه صورة شعب أو دولة، فإنها تصبح أداة دعاية سلبية تهدف إلى زرع الكراهية وتعميق الفجوات بين الشعوب. “حياة الماعز” ليس سوى مثال آخر على كيفية استغلال الأفلام لتشويه سمعة المملكة، في حين أن الواقع يعاكس تمامًا ما يحاول الفيلم إبرازه.
11. تاريخ العمالة الهندية في السعودية
إذا نظرنا إلى تاريخ العمالة الهندية في المملكة العربية السعودية، سنجد أنه مليء بالقصص الناجحة التي تحكي عن علاقات عمل تتسم بالاحترام المتبادل والتعاون المثمر. هناك آلاف القصص التي يرويها العمال الهنود عن تجاربهم الإيجابية في المملكة، حيث تمكنوا من تحسين أوضاعهم المعيشية، وإرسال الأموال لدعم أسرهم في الهند.
فلماذا يتجاهل الفيلم هذه القصص ويختار التركيز على قصة غير واقعية وغير موثقة؟
12. العلاقات السعودية الهندية: تعاون وثيق
على مر العقود، تمتعت المملكة العربية السعودية والهند بعلاقات قوية ومتينة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. الهند تُعتبر شريكاً استراتيجياً للمملكة في العديد من المجالات، من الاقتصاد إلى السياسة. والملايين من الهنود يعملون في السعودية، ويشكلون جزءاً هاماً من نسيج المجتمع السعودي.
13. الحقائق والشهادات الموثقة
لدينا العديد من الشهادات والحقائق التي تؤكد أن ما ورد في فيلم “حياة الماعز” لا يمت للواقع بصلة. العديد من العمال الهنود الذين عملوا في السعودية يمكنهم أن يشهدوا على التجارب الإيجابية التي مروا بها في المملكة.
كون المملكة تحرص دائماً على توفير بيئة عمل آمنة ومناسبة لجميع العمال، وتطبق القوانين التي تضمن حقوقهم. فلماذا لم يعرض الفيلم هذه الشهادات؟ الجواب بسيط: لأن الفيلم لا يسعى إلى تقديم الحقيقة، بل إلى تشويهها.
14. التحديات التي تواجهها المملكة
بالطبع، المملكة العربية السعودية ليست دولة مثالية، مثلها مثل أي دولة أخرى، تواجه تحديات وتسعى دائماً لتحسين أوضاعها. ولكن ما لا يمكن إنكاره هو التقدم الهائل الذي حققته المملكة في السنوات الأخيرة على جميع الأصعدة، من حقوق الإنسان إلى التطور الاقتصادي والاجتماعي. إن هذا التقدم يشكل دافعاً للبعض لمحاولة تشويه صورة المملكة، لأنهم يرون في هذا النجاح تهديداً لمصالحهم أو أجنداتهم. ولكن الحقائق تظل واضحة: السعودية بلد يسير نحو المستقبل بثبات، ويرفض العودة إلى الوراء.
15. الوعي الشعبي ودوره في التصدي للشائعات
من أهم الأسلحة في مواجهة الأفلام والدعايات المغرضة هو الوعي الشعبي. يجب على كل فرد أن يكون واعياً بالأهداف الخفية وراء مثل هذه الأفلام، وألا يقع فريسة لها. إن الشعب السعودي، والمقيمين فيه، يدركون تماماً حقيقة الواقع الذي يعيشونه، ولن يتأثروا بهذه الأكاذيب. على العكس، مثل هذه المحاولات تثير فيهم مشاعر الوحدة والتضامن للدفاع عن بلدهم وإظهار الحقيقة للعالم.
16. السعودية أكبر من الشائعات
يجب أن ندرك أن المملكة العربية السعودية أكبر من أن تؤثر فيها شائعة أو فيلم. إنها دولة عظيمة، لها تاريخ مشرف وحاضر مشرق ومستقبل واعد. السعوديون والمقيمون في المملكة يدركون هذا جيداً، ولن يسمحوا لأي محاولة بائسة أن تنال من مكانة بلادهم.
فيلم “حياة الماعز” ليس إلا زوبعة في فنجان، ولن يكون له تأثير يذكر على صورة المملكة الحقيقية في عيون من يعرفونها ويقدرونها.
المملكة العربية السعودية دائماً رمزاً للكرم والشهامة والاحترام. وأنا كقبطي مصري، عشت تجربة شخصية تبرهن على هذا الواقع. لقد كان لي الشرف في العديد من المرات أن أزور سفارة المملكة في القاهرة للحصول على تأشيرات حج وعمرة لأصدقائي المسلمين، وكانت دائماً تُستقبل طلباتي بالترحاب والتقدير. هذه التجربة تعكس حقيقة المملكة التي تحتضن الجميع، وتحترم حقوقهم بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية.
فيلم “حياة الماعز” لن يكون له تأثير على علاقات السعودية مع العالم، ولن يغير من حقيقة أن المملكة العربية السعودية هي وطن لكل من يبحث عن الأمان والفرص والكرامة. دعونا نتكاتف جميعاً، سعوديين ومقيمين، للدفاع عن هذه الأرض الطيبة، ولنكشف للعالم أن الحقيقة أقوى من أي كذبة، وأن السعودية ستبقى دائماً عظيمة بحب أهلها وتقديرهم للآخرين.