«غمرتمونى بفضلكم وكرمكم، وشملتمونى برعايتكم، وشرُفتُ بالانتماء لتخصُّص فضيلتكم العلمى، فاستضأتُ بمِشكاتكم، وتعلَّمت على أيديكم، ونهلتُ من منابع معارفكم الرَّصينة، وسأظل أجتهد فى اقتفاء أثركم والاقتداء بمواقفكم فى نصرة الدين والوطن». لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، أعلاه فقرة من رسالة الدكتور «نظير محمد عياد» مفتى الجمهورية إلى أبيه الروحى فضيلة الدكتور الطيب أحمد الطيب شيخ الأزهر، اعترافا بفضله، علميا وإنسانيا ، وتوكيدا على المضى قدما على دربه ، طريق الإمام الأكبر، نصرة للدين والوطن. واللبيب من الإشارة يفهم، «قبلة» فضيلة المفتى على يد الإمام الطيب إكبارا والتى شاعت فى الفضاء الإلكترونى، إشارة نفهم منها موقع فضيلة المفتى من الإمام الأكبر، فالإمام الطيب شيخه ومعلمه، وأبوه الروحي. صحيح لم تعرف الأدبيات الأزهرية مصطلح «الأب الروحي» بمعناه القيمى، الطيب بالضرورة، ولكنه تجاوزا يليق بالمقام الأزهرى، الإمام الطيب بمثابة «الأب الروحى الطيب» لكل أزهري.. كما نفهمها ( الرسالة ) من نفرة وزير الأوقاف العلامة الدكتور أسامة الأزهرى ووفد من كبار علماء الوزارة، بمجرد توليه الأمانة إلى الإمام الأكبر، ترجمة لمعنى الأبوة الروحية، والإمام كوالد لم يبخل على ابنه الوزير بالوصية.الأزهرى، اسم على مسمى من نوابغ المشيخة الأزهرية وأعلامها، ما رشحه سابقا لموقع مستشار السيد الرئيس للشئون الدينية، ويفقه دور المشيخة وطنيا وعالميا، ومكانتها .. من موقعه كوزير للأوقاف، يرسل رسالة عميقة المعنى، كما يقولون رسالة بعلم الوصول، التأكيد على ضرورة اصطفاف كل المؤسسات الدينية تحت لواء الأزهر الشريف (المؤسسة الأم). الاصطفاف يترجم قوة، ومنعة، المؤسسة الدينية الرسمية حاجتها ماسة للاصطفاف، عانت طويلا من الاختلاف، التحديات جسام ولا تحتمل شقاقا، والمأمول منها عظيم، والتعويل عليها مستحق، ويصدق فى ثلاثتهم (الإمام والمفتى والوزير مع حفظ الألقاب والمقامات ) قول شاعر العربية الكبير المتنبي: «عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتى العَزائِمُ / وَتَأتى عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ . وَتَعظُمُ فى عَينِ الصَغيرِ صِغارُها / وَتَصغُرُ فى عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ..» اجتماعهم رحمة، واجتماع الأوقاف والإفتاء تحت علم المشيخة رحمة بالبلاد والعباد، ووصية الرسول صلى الله عليه وسلم حية فى نفوسهم، ونفوسنا: «أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله».. مهم التواصل والتعاضد والتعاون على البر والتقوى، ثالوث المؤسسة الدينية فى الحالة الوطنية، كمثل مثلث رأسه فى المشيخة (الإمام الأكبر)، وقاعدته فى الإفتاء ووزارة الأوقاف، ثلاثية صلبة غير قابلة للاختراق. سد منيع ضد الجماعات الإرهابية، وخطرها داهم، ولا تزال رابضة فى الدغل، وتتمدد فى الفضاء الإلكترونى، وللدكتور أسامة الأزهرى مقولة مهمة: «محرك البحث، جوجل، صار «سلفى الهوى وإخوانى المزاج»، ما يعنى حيازة الجماعات للفضاء الإلكترونى، وهذا جد خطير، المواجهة المقبلة ليست على الأرض يؤمها الدعاة والوعاظ، المعركة فى الفضاء، وتستوجب اصطفاف الثالوث لخوض معركة إلكترونية فرضت علينا.الاصطفاف ضرورة دينية مستوجبة فى مواجهة الموجات الإلحادية التى تنخر عقول الشباب، وتقلقل إيمانهم، وتحرفهم عن الطريق القويم، والقول صحيح، الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأكل الشاة القاصية، وعلى المؤسسة أن تجمع الشباب مجددا على الدين الوسطى الجميل. الاصطفاف وطنيا، تجسيدا لمقاصد الشرع الشريف عدلا بين الناس، ومنها المقاصد الوطنية العليا فعلا فى بناء الوطن، وعلى قلب رجل واحد فى تجديد الخطاب الدينى وتوسيد الوسطية والاعتدال. ولا يذروا فرجات للشياطين تنفذ منها لفتن أضلاع المؤسسة، مضى زمن كان الخلاف والاختلاف عنوانا مقلقا بين أضلاع مثلث المؤسسة، يقينا لا محل للخلاف، لا محل له من الإعراب الوطنى ونحن فى مواجهة مستعرة مع قوى الشر التى اختطفت الدين، معركة فى حرب طويلة، تستوجب الاصطفاف كما قال الدكتور الأزهرى فى حضرة الإمام.