لفتنى «بوست» سارح فى الفضاء الإلكترونى، كتبه «مدرس عربى» لم أتثبت من هويته سلفيًّا كان أو إخوانيًّا.
بوست خارق حارق يتجاوز فيه محرره كل السقوف التحريضية التى صاحبت فيلم «الملحد» الذى لم يُعرض، ولم يره أحد بعد.
بعد مباركة قرار التأجيل، الذى يظنه كاتب البوست الشرير (منعًا)، يطالب بحرق نسخ الفيلم، وإعدام صناعه طبعًا فى مقدمتهم مؤلفه «إبراهيم عيسى»!!.
البوست الشنيع بنصه خطير، نقلة فى التحريض على حرية التكفير، كاتب البوست يخشى تسرب نسخة من الفيلم، وكأنه فيروس مُعْدٍ، لماذا؟. لأنه سينتشر فى البيوت عبر التواصل الاجتماعى، وعليه فليحرقوا الفيلم ويُفتت رماده، ويُنثر فى المحيط بدون عنوان، وبعدها يُسجن صناع الفيلم أو يُعزلون بعيدًا عن المؤمنين باعتبارهم يحملون فيروس الإلحاد المعدى، ثم إعدامهم بتجرع السم ليكونوا عبرة!!.
لا أفتئت ولا أزيد بحرف، والبوست بحرفه منشور باسم صاحبه، صحيح مدرس العربى ليس من نجوم الفيس، أظنه من العاديين، لذا توقفت أمامه متحيرًا هل هذا حكى العاديين، هل مجرد «طق حنق» كلام ساكت، أم بوست تكفيرى ممعن فى التحريض، والحرق، والقتل، إن البوستات تشابهت علينا؟!.
يتجرأ صاحب البوست الشنيع بالقول نصًّا: «أشجع قرار، وأحسن قرار، وأروع قرار، هو منع عرض فيلم (الملحد) تأليف (إبراهيم عيسى) لأن عرض الفيلم هيدمر جميع المؤسسات الدينية فى مصر، ولن تقوى هذه المؤسسات على مواجهات موجات الإلحاد الشبابية النابعة من هجوم وسائل التواصل المتلاحق لأنها إلى الآن عاجزة عن مجرد الحوار مع الشباب الملحد، فما بالنا لو انتشر هذا الفكر فى جميع ربوع الوادى؟!!.
بس أنا خايف (صاحب البوست خايف) تتسرب نسخة واحدة فقط بقصد أو بدون قصد عن أى طريق؛ فينتشر الفيلم فى جميع بيوت مصر.. ومن هنا سيكون الخطر أعظم؛ لذلك أتمنى حرق جميع نسخ الفيلم، ثم يُفتت كتراب منثور، ويؤخذ فى طائرة حربية، ثم يُبدر فى وسط أكبر المحيطات؛ وكده نبقى ضمنّا عدم تسريب الفيلم».
ويكمل صاحب البوست الشنيع شناعته: «وتبقى نقطة أخيرة، وهى فريق العمل البشرى الذى اطّلع على الفيلم، أرجو عزلهم أو سجنهم أو إجبارهم على احتساء السم القاتل، قبل أن يتحدثوا عن قصة الفيلم، ويعرفه الشباب، فيلحدوا».
أعلاه (البوست) ما جنته «الأيدى المرتعشة» الخائفة من خيالها، وقررت تأجيل عرض الفيلم دون أسباب مقنعة، بتنفخ فى الزبادى، خسرت الجولة مجانًا أمام جحافل المتسلفين، منحتهم رخصة ذهبية للمطالبة بمنع الفيلم، ثم حرقه، ثم سجن صناع الفيلم، وأخيرًا إعدامهم.. قبل أن يتحدثوا عن الفيلم.
معلوم، تعطيه صباعك ياكل دراعك، للأسف هناك نوعية من المتسلفة يضمرون عدوانية لحرية التفكير، يتجبرون عندما تتساهل، وتتردد، وترتعش، عندما تكون خائفًا يشتمون خوفك، عندما تتراجع وتتقهقر، يعقرون فكرتك، ويمضغون عقلك بتلذذ!!.
صح القول: «أُكلنا يوم أكل الثور الأبيض»، خسرنا المعركة فى مواجهة السلفية المجتمعية عند تأجيل العرض، ويقينًا نحتاج إلى شجاعة مضاعفة لهَشّ ذباب الفضاء الإلكترونى عن وجه هذا الوطن.
عرض الفيلم هو الحل، خسارة هذه المعركة ستُكلفنا ما تبقى لنا من الحق فى التفكير، سيسود التكفير.. ولن تقوم لحرية الإبداع قائمة بعدها.. إِنّ غَدًا لنَاظِرِهِ قَرِيب!.