في قلب جبال أسيوط، وتحديدًا عند سفح جبل درنكة، تتجسد واحدة من أجمل وأقدم التقاليد الشعبية في مصر. على امتداد الطريق الصاعد نحو دير العذراء، وبين مئات الاف من الزوار الذين يتدفقون للاحتفال بموسم صوم العذراء، تبرز رائحة حلوى “الزلابية” لتأسر القلوب وتعيد ذكريات الزمن الجميل.
ليست الزلابية مجرد حلوى، بل هي طقس مميز يعكس دفء العائلة وروح المشاركة. كبار العائلة يجوبون الطرقات حاملين أكياسًا مليئة بالحلقات الذهبية الصغيرة، التي تنغمس في شراب السكر الحلو، ويقدمونها بحب لأفراد أسرهم. هذه اللحظة التي تتكرر عامًا بعد عام، ليست مجرد توزيع حلوى، بل هي رسالة حب ودفء، يتناقلها الأجيال.
“خذوا زلابية العذراء، أم البركة”، يقولها الجد وهو يبتسم لأحفاده الذين ينتظرون بفارغ الصبر حصتهم من هذه الحلوى المميزة. الحلقات الذهبية، المصنوعة من عجين الدقيق والخميرة والمقلية حتى تصبح ذهبية اللون، لم تعد مجرد حلوى عابرة، بل أصبحت رمزًا للبركة والعطاء، تتجاوز بها الحدود الزمنية لتستمر مع مرور السنين.
في هذا الموسم الذي يجمع الزوار من كل مكان، تبدو الزلابية كأنها تجمع بين الماضي والحاضر، بين الأجداد والأحفاد، وبين الحب والبركة. إنها ليست مجرد حلوى تقليدية، بل قصة حنين تربط الأجيال وتحيي الذكريات. في جبل درنكة، الزلابية هي أكثر من مجرد طعم، إنها حكاية حب لا تنتهي.