لا يُصلح العطار ما أفسده الدهر، العلَّامة «طارق شوقى» بكل مؤهلاته العلمية، ودراساته التطبيقية، واستشرافه مستقبل التعليم عالميًا، لم يُمكَّن من إصلاح منظومة التعليم البالية، تكالبت عليه الأكلة تكالبها على قصعة التعليم، فرَّ بجلده من المحرقة، خسرنا طارق شوقى، وعلينا أن نعض بنان الندم.. هل يُصلح الوزير «محمد عبداللطيف» ما أفسده الدهر؟ دعواتنا بالتوفيق، وندخر الإجابة لقادم الأيام مع التطبيق العملى لخطته النظرية التى تقوم على فكرة «تخفيف الأحمال» التى باتت عنوانًا من عناوين المرحلة.
تخفيف الأحمال يُترجم فى الثانوية العامة تخفيف المقررات والمناهج، خمس مواد تكفى المجموع، والباقى نجاح ورسوب، خلاصته تمصير النظام الأمريكى المعمول به فى بعض المدارس الخاصة لعل وعسى يُنتج أثرًا سريعًا..
الرفض للرفض ليس منهجًا للبناء، وسيقابل مقترح الوزير برفض، وهذا من طبائع الأمور المجتمعية، كما أن القبول والتسليم بخطة الوزير عبداللطيف دون تمحيص، وتدقيق، ومراجعة على الخبراء لا يستقيم منهجًا.
أتمنى حوارًا مجتمعيًا حول خطة الوزير قبل تطبيقها، مؤتمر علمى يجتمع فيه خبراء التعليم على خطة الوزير، يتناولونها بالدراسة المعمقة، ويرفدونها بالخبرات العملية، ويراجعون على السوابق، ويقارنونها بمثيلاتها فى الدول المتقدمة علميًا، يقينًا سيحصن خطة الوزير من النقص والخلل الذى قد يصيبها عند التطبيق، فنصبح على ما فعلنا نادمين.
فى المسألة التعليمية اتسع الخرق على الراتق، باتت مسألة معقدة تحتاج إلى دراسات معمقة تذهب إلى عمق الأزمة، وتقف على أسبابها، وترسم مساراتها، أخشى الدهانات الموضوعية قد تسكن الألم لحين، ولكنها لا تعالج أصل الداء، قد تخفف رعب الثانوية العامة بطريقة تخفيف الأحمال، ولكنها لا تعالج حزمة أمراض متوطنة وسارية تجهض العملية التعليمية.
هل جرى وزن المناهج التى تقررت فى ميزان تشكيل وعى الطلاب، وتنمية قدراتهم، وتكوينهم المعرفى، وتهيئتهم عقليًا، ونفسيًا، وبدنيًا ليستقبلوا مستقبلهم فى سوق عمل عشوائية ليس لها ملامح ظاهرة تنبنى عليها مخططات تعليمية.
مثلًا المناهج الأمريكية التى أخشى أنها مسيطرة على ذهنية الوزير عبداللطيف، تكاد تخلو من الحفظ، لأن الهدف الأساسى منها هو الفهم والتطبيق، ما يترجم أنشطة معلمية وميدانية وقياس قدرات، وانتقاء المواهب، والاستثمار فى البشر، عبر مناهج يقوم عليها معلمون يملكون عقليات منفتحة على العلوم والأفكار الحديثة، نظام يقوم على التفكير والابتكار.
هل هذه الفكرة حاضرة، هل هذه النوعية من المعلمين متوفرة؟ المعادلة مدرس وطالب ومدرسة، وهل بنية المدارس الأساسية مؤهلة، وهل الطلاب وذووهم على دراية بأهداف مخطط الوزير؟ مثلنا يضربون أخماسًا فى أسداس، والمدرسون ينتظرون ما لا يعرفون، ويحسبون تأثير تخفيف الأحمال على أكل العيش (الدروس الخصوصية).
تحييد الخبراء والمدرسين وأولياء الأمور عن الشراكة فى خطة الوزير لا يوفر بيئة صحية لاستزراع نسق جديد، أخشى إحباطًا ممنهجًا كما أُحبط مشروع الدكتور «طارق شوقى»، الفوقية فى العملية التعليمية كما البناء فى الهواء.
ما هى أهداف العملية التعليمية فى هذه الخطة، هل مجرد تخفيف أحمال، وهل تم ربطها بمسارات التنمية مستقبلًا، هل هناك خطوط عريضة تسير فيها مركبة التعليم لتصل إلى مبتغاها؟.. سؤال لطيف للوزير عبداللطيف: لماذا تفضل النظام الأمريكى عما سواه؟!.