في خطوة مفاجئة أحدثت صدى واسعًا في الأوساط الأكاديمية والسياسية، أعلنت الدكتورة نعمة شفيق، رئيسة جامعة كولومبيا، استقالتها من منصبها. جاءت هذه الاستقالة في خضم ضغوط مكثفة من جماعات قطرية ويسارية، التي دعت إلى مغادرتها المنصب، بينما أثيرت تساؤلات واتهامات حول خلفيتها العائلية التي يُقال إنها ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين.
الدكتورة شفيق، التي تُعد من أبرز الشخصيات الأكاديمية، واجهت تحديات متزايدة خلال الأشهر الأخيرة، خصوصًا بعد اندلاع موجة من الاحتجاجات الطلابية في حرم جامعة كولومبيا ضد الأحداث الجارية في غزة. استمرت هذه الاحتجاجات لعدة أشهر، مما أحدث توترًا كبيرًا داخل الجامعة وبين الطلاب. وتفاقم الوضع عندما قامت شفيق، وفقًا لبعض التقارير، باتخاذ إجراءات صارمة ضد الطلاب المحتجين، ما أدى إلى تدخل الشرطة في الحرم الجامعي لفرض النظام وإعادة الهدوء.
تجاوزت الاتهامات الموجهة لشفيق مجرد تعاملها مع الطلاب، لتشمل مزاعم حول دورها في تأجيج الصراعات داخل الجامعات الأمريكية لصالح جماعة الإخوان المسلمين. وقد تناولت العديد من الصحف الأمريكية، لا سيما تلك المناهضة لجماعة الإخوان، هذه القضية بتفصيل، مشيرة إلى أن استقالة شفيق قد تكون جزءًا من ضغوط أوسع تهدف إلى تقليص تأثير الجماعة في الولايات المتحدة.
ووفقًا لتقارير صحفية، يُزعم أن دولة قطر قدمت دعمًا ماليًا ولوجستيًا للاحتجاجات، التي اعتُبرت جزءًا من حملة أوسع لدعم حركة حماس. ويشير البعض إلى أن هذه المظاهرات لم تكن تعبيرًا عفويًا عن تضامن مع غزة، بل حملة منظمة بعناية لتحقيق أهداف سياسية على الساحة الأمريكية.
أثارت هذه التطورات قلقًا في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، حيث يخشى البعض من تأثيرها على حرية التعبير والأجواء الأكاديمية في الجامعات الأمريكية. كما تساءل البعض عن مدى صحة هذه الاتهامات ومدى تأثيرها على مستقبل الحياة الأكاديمية في الولايات المتحدة.
تعكس هذه الأحداث تزايد الاستقطاب السياسي داخل الجامعات الأمريكية، حيث تتعرض الإدارات الجامعية لضغوط متزايدة لتبني مواقف محددة بشأن قضايا دولية حساسة. وتأتي استقالة شفيق لتزيد من تعقيد هذا الجدل، مما يجعل مستقبل هذه الجامعات وأدوارها في المجتمع الأمريكي موضوعًا مفتوحًا للنقاش.
الدكتورة نعمة شفيق، التي تُعرف أيضًا باسم مينوش، وُلدت في الإسكندرية، مصر في عام 1962، وتحمل الجنسيتين البريطانية والأمريكية. تولت رئاسة جامعة كولومبيا منذ عام 2023، بعد أن كانت رئيسة ونائب مستشار كلية لندن للاقتصاد بين عامي 2017 و2023. كما كانت عضوة في المجلس الإداري لمؤسسة بيل ومليندا غيتس. شغلت منصب نائب محافظ بنك إنجلترا المسؤول عن الأسواق والخدمات المصرفية وعضو بنك إنجلترا في لجنة السياسة النقدية بين عامي 2014 و2017. كما كانت نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي بين عامي 2011 و2014، وسبق لها أيضًا أن شغلت منصب السكرتير الدائم لوزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة منذ مارس 2008.
تلقت نعمة شفيق تعليمها في المدرسة الأمريكية بالإسكندرية، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة قبل العودة إلى مصر لتكمل دراستها الثانوية. بعد عام في الجامعة الأميركية في القاهرة، حصلت على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والسياسة من جامعة ماساتشوستس – أمهرست. ثم أكملت دراستها في كلية لندن للاقتصاد وحصلت على درجة الماجستير في الاقتصاد، تلتها درجة DPhil في الاقتصاد من جامعة أكسفورد.
انضمت شفيق إلى البنك الدولي بعد أكسفورد، حيث شغلت العديد من المناصب الهامة، بما في ذلك نائب رئيس البنك الدولي، وكانت أصغر من يتقلد هذا المنصب في تاريخ البنك. بعد ذلك، انتقلت إلى وزارة التنمية الدولية في الحكومة البريطانية، حيث شغلت منصب السكرتير الدائم، وكانت مسؤولة عن برامج المساعدات الثنائية والسياسات العامة.