في حوار صريح ومليء باللحظات المؤثرة، حلّ الفنان كريم قاسم ضيفًا على الإعلامية منى الشاذلي في برنامجها الشهير “معكم منى الشاذلي”. في هذا اللقاء، تحدث كريم بشكل مفتوح عن تفاصيل حياته الشخصية، وخاصة جذوره العائلية التي تجمع بين الديانات المختلفة، وكيف أثرت هذه الخلفية المتنوعة على تشكيل شخصيته ووعيه الاجتماعي.
خلفية عائلية متنوعة وتعدد الأعياد
بدأ الحديث بسؤال منى الشاذلي لكريم حول خلفيته الدينية، حيث قالت: “كريم، يعني أنت نص عيلتك مسلمين ونص عيلتك يهود؟” فأجاب كريم قائلاً: “ده حقيقي”. ومن هنا، أخذ كريم يروي كيف أنه منذ صغره كان يعيش في بيئة تضم خليطًا من الثقافات والأديان، الأمر الذي كان محيرًا في البداية، لكنه مع مرور الوقت أصبح مصدرًا للإثراء والتنوع.
وأوضح كريم كيف أن والدته كانت يهودية، بينما كان جده لأمه أيضًا يهوديًا، وفي الوقت نفسه كان والد والده ينتمي إلى الطائفة المسيحية قبل أن يعتنق الإسلام في أواخر حياته. هذا الخليط من الأديان جعل كريم يحتفل بكل المناسبات الدينية، سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية، مما أتاح له فرصة فريدة لفهم وتقبل الآخر بطريقة عميقة.
التأثير على الشخصية والوعي
تحدث كريم عن التأثير الإيجابي الذي تركته هذه الخلفية المتنوعة على شخصيته. وأشار إلى أن هذا الخليط جعله يطور وعيًا غير عادي تجاه التعددية الدينية والثقافية، مما ساعده على تبني رؤية منفتحة وشاملة تجاه المجتمع والناس من حوله. وأكد كريم أنه يعتبر نفسه محظوظًا لأنه نشأ في بيئة تجمع بين هذه الخلفيات المتنوعة، حيث كان يشارك في جميع الأعياد والمناسبات الدينية، مما عزز من شعوره بالانتماء إلى كل من هذه الثقافات.
موقف شخصي يعكس الوعي المتزايد
استذكر كريم حادثة وقعت معه في صغره، حيث كان يتحدث مع أخته عن اليهود بطريقة تعميمية سلبية، متأثرًا بما يسمعه من الآخرين. إلا أن أخته فاجأته عندما قالت له: “كريم، هو أنت متعرفش؟! أنت أمك يهودية”. هذا الموقف كان نقطة تحول في حياته، حيث بدأ يدرك مدى تأثير التعميمات السلبية وكيف يمكن أن تؤثر على تصوراته الشخصية تجاه الآخرين.
تجربة خاصة وحضور في جنازة يهودية
أشار كريم أيضًا إلى أنه في عام 2019، حضر جنازة وتأبين جدته في المعبد اليهودي بشارع عدلي بوسط البلد. وكانت هذه التجربة بالنسبة له تجربة مؤثرة وشخصية للغاية، حيث كانت المرة الأولى التي يعرف فيها أنه ينتمي إلى خلفية عائلية مختلطة بين اليهودية والإسلام. هذه التجربة أضافت بعدًا آخر إلى فهمه لهويته الشخصية والتعددية التي تجمع بين جوانب مختلفة من ثقافته وتاريخه العائلي.
الرسالة الأوسع: تقبل الآخر وتعزيز التسامح
خلال الحوار، لم يقتصر كريم على الحديث عن تجربته الشخصية فحسب، بل سعى إلى توجيه رسالة أوسع للمجتمع حول أهمية تقبل الآخر وتعزيز التسامح. وأكد أن تجربة نشأته في بيئة متعددة الثقافات والأديان علمته قيمة التنوع وأهمية فهم الآخر بعيدًا عن الأحكام المسبقة والتعميمات. كما دعا إلى ضرورة النظر إلى الأشخاص من منظور إنساني بحت، بعيدًا عن التصنيفات الدينية أو الثقافية، مؤكدًا أن هذا هو الطريق الأمثل لبناء مجتمع متسامح ومتناغم.
ختامًا: تجربة شخصية تتجاوز الذات
في ختام اللقاء، أكد كريم قاسم أن تجربته الشخصية تعكس واقعًا يعيش فيه الكثيرون، حيث تتداخل الهويات والثقافات في نسيج واحد. وشدد على أهمية الحوار والتفاهم بين الناس من مختلف الخلفيات، معربًا عن أمله في أن يكون هذا الحوار بداية لتفكير أعمق في كيفية بناء جسور التواصل والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع.
هذا اللقاء لم يكن مجرد حوار تلفزيوني عابر، بل كان نافذة أطل من خلالها المشاهدون على جوانب من حياة كريم قاسم الشخصية التي لم يكن يعرفها الكثيرون، جوانب تسلط الضوء على أهمية التنوع وقبول الآخر في تشكيل الإنسان وتطوير وعيه الاجتماعي.