متابعات ـ إيهاب السيد
رجح الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج عدم قيام إيران بتوجيه ضربة مباشرة ل إسرائيل حاليا، متوقعا أن يتأخر ردها إلى العام المقبل.. وقال “إن إيران الآن تهدد إسرائيل لكنها لن تقدم على فعل شيء في الوقت الحالي.. وأن إسرائيل هدفها الأول هو ضرب إيران، فهي الهدف الأخطر؛ في حين أن الولايات المتحدة لا تريد السماح بذلك”.
وأضاف فرج – خلال الندوة التي نظمتها لجنة الشئون العربية بنقابة الصحفيين برئاسة حسين الزناتي مساء أمس بعنوان “تداعيات الصراع في المنطقة على الأمن القومي” – أن “الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل شهر أبريل الماضي كان تمثيلية، فقد أطلقت 300 صاروخ وطائرة مسيرة لم تسفر إلا عن جرح فتاة إسرائيلية في صحراء النقب، وهي بذلك لم ترد أن تتفاقم الأمور”.
وتابع: و إسرائيل بدورها أصبح لديها العديد من الجبهات، مما يجعل من الصعب عليها فتح المزيد من الجبهات في نفس الوقت، والآن لدى إسرائيل أربع جبهات أخطرها إيران ولا تستطيع أن تهاجمهم في نفس الوقتّ.
واعتبر أن الوضع الحالي بالنسبة ل إيران يمثل مشكلة ومأزقا، حيث اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر الرجل الثاني لحزب الله في بيروت، كما أن مسيرة للحوثيين ضربت تل أبيب مؤخرا.. وطهران تهدد بشن حرب، لكنها لا يمكنها أن توجه ضربة إلى تل أبيب مثل التي فعلتها إسرائيل داخل طهران باغتيال هنية، ومن المتوقع أن ترد إسرائيل بقصف المفاعلات النووية الإيرانية حال نجحت في جر طهران إلى حرب.
ولفت اللواء سمير فرج إلى كيفية بدء عملية السابع من أكتوبر؛ قائلا “يوم 7 أكتوبر احتل مقاتلو حركة حماس ثلاث مستوطنات من سبع في غلاف غزة، حيث اخترقوا القبة الحديدية التي أسستها إسرائيل للحماية من صواريخ المقاومة عن طريق التقاط رادار القبة الحديدية للصاروخ أثناء إطلاقه، ومن ثم إطلاق صاروخ مضاد للتصدي له، وإذا كانت سعة تصدي القبة الحديدية مائة صاروخ، فقد أطلقت المقاومة مائتا صاروخ لتصل مائة منها للمستوطنات المحيطة بغزة.
ونبه إلى أن إسرائيل تفاجأت بأن جميع مستعمراتها تتعرض للضرب، وفِي المرحلة الثانية استخدمت المقاومة لعبور الجدار الفاصل المقام بطول 65 كيلومترا حول غزة بالكامل بارتفاع عشرة أمتار و25 مترا تحت الأرض، الطائرات الشراعية من أجل تجاوز الرادار، وعبور الجدار، ومن ثم ضرب المستعمرات وأنظمة الاتصال مع إسرائيل بها، ومثل ذلك عنصر مفاجأة.
وتابع أن المفاجأة الثانية التي كانت أعدتها حماس هي الأنفاق، والمستلهمة من حروب العصابات في فييتنام، فبها تهوية وشبكة اتصالات كاملة، وبعد عشرة أشهر من الحرب لم تكتشف إسرائيل سوى 30% من هذه الأنفاق وتقوم باكتشافها عن طريق الروبوت للتأكد من عدم وجود عبوات ناسفة.
وقال سمير فرج إن مصر أحبطت خطة “الترانسفير” أو تفريغ غزة من الفلسطينيين بدفعهم نحو سيناء، حيث بدأت إسرائيل مهاجمة الشمال لدفع الفلسطينيين باتجاه مصر.
وذكر أن من بين أهم ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي إزاء ذلك أنه أذاع لقاءه مع وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن على الهواء مباشرة – خلال زيارته لمصر بعد اندلاع الحرب – حيث طالب بلينكن خلال اللقاء بخروج 50 مواطنا أمريكيا من غزة عبر معبر رفح، ورد الرئيس السيسي باشتراط بدء التفاوض بشأن إغاثة سكان غزة، حيث رفض الرئيس تماما عملية “الترانسفير” أو تفريغ غزة من سكانها بنقلهم إلى سيناء.
ولفت اللواء سمير فرج إلى أن وزير الخارجية الأمريكي نشر تدوينة على موقع /إكس/ قال فيها “أنا ممتن للرئيس عبد الفتاح السيسي لقيام مصر بعمل هائل لوضع آلية لإجلاء المواطنين الأمريكيين ومواطني الجنسيات الأجنبية الأخرى من غزة.. ونؤكد بحسم على حل الدولتين ونرفض الإحلال القسري للفلسطينيين خارج قطاع غزة”.
وعلق سمير فرج بقوله “كان ذلك أول انتصار يتحقق لنا، حيث كان محمد مرسي يخطط لمنح الفلسطينيين قطعة من سيناء.”
وأضاف أن مصر وفرت الدعم اللازم للأشقاء الفلسطينيين بإنشاء المخيمات لإيوائهم في رفح وخان يونس داخل غزة، وقامت بإنشاء ثلاثة مخابز تنتج 3 ملايين رغيف يوميا، إضافة إلى ثلاث محطات لتنقية المياه وشبكة اتصالات، و80% من المساعدات التي تدخل غزة هي من الشعب المصري، وهناك ألف جريح من غزة يعالجون في مصر، وأرسلت الإمارات سفينة بها مستشفى ميداني لعلاج المصابين لا يتجاوز عدد أسرتها 150 سريرا.
وأشار إلى أنه لا يمكن عبور المساعدات إلى الجانب الفلسطيني من خلال معبر رفح الذي استولت عليه إسرائيل واحتلته من الجانب الفلسطيني، فهو معبر للأفراد، وكرم أبو سالم هو معبر البضائع.
وذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان يريد تطبيق خطة لوقف إطلاق النار، من 3 مراحل ليسجل في تاريخه أنه فعل شيئا قبل مغادرته المنصب، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد السلام، فمعنى إحلال السلام أنه أمام خيارين إما أن يحاكم بسبب مرور عشرة أشهر دون تنفيذ الهدف من الحرب فضلا عن مواجهته لثلاث قضايا.
وبشأن ما تردد عن احتلال محور صلاح الدين (فيلادلفيا)؛ قال اللواء سمير فرج إن هذا المحور يقع داخل رفح وليس على أرض مصرية، و إسرائيل كانت تحتل غزة منذ عام 1967 حتى عام 2005، حين قررت أن تتركها للسلطة الفلسطينية، وعند الانسحاب وضعوا ملحقا مكملا لمعاهدة السلام جاء فيه أن محور فلادلفيا يصبح منطقة خالية، منوها بأن وجود القوات الإسرائيلية فيه الآن لا يعني اعتداء على سيادة مصر لأنه واقع داخل قطاع غزة المحتل.
ووصف سمير فرج الرصيف البحري الذي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إنشاءه على ساحل غزة بزعم أنه لإدخال مساعدات بـ”الفضيحة”، مشيرا إلى أنه كان يستهدف إجلاء الفلسطينيين إلى قبرص، بما يعني الترحيل والإخلاء، إلا أن هذا الرصيف غرق ودمر، بينما نجحت مصر في أمر مشابه خلال حرب 1973، بإيصال 3 كباري عبر قناة السويس لعبور الجنود إلى سيناء، مما يؤشر لعظمة هذا الشعب والجندي المصري.