متابعات ـ هاني فريد
رأت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن مسألة هروب رئيسة وزراء بنجلاديش الشيخة حسينة، تدفع بمزيد من الفوضى في البلاد التي تشهد بالفعل موجة اضطرابات عنيفة.
وأشارت الصحيفة في تقرير اليوم، إلى أن الشيخة حسينة قدمت استقالتها اليوم الإثنين وهربت من البلاد بعد أن أشعلت حملة الحكومة على الاحتجاجات الطلابية العنيفة ثورة ضد حكمها الذي تميز بالقمع المتزايد للمعارضين السياسيين.
ونقلت الصحيفة عن مايكل كوجلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن قوله: “لقد فقدت الكثير من شرعيتها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى نهجها في الحكم، لقد حكمت بقبضة من حديد”.
وأضافت الصحيفة أن منظمي الاحتجاجات رحبوا برحيل حسينة، والذي جاء بعد أسابيع من الاضطرابات التي بدأت بمظاهرات الطلاب ضد نظام الكوتة الذي خصص 30% من الوظائف الحكومية لأسر قدامى المحاربين في النضال من أجل الاستقلال، ودعوا إلى تشكيل حكومة أكثر تمثيلا.
وتابعت أن الشيخة حسينة البالغة من العمر 76 عامًا، حكمت الدولة الواقعة في جنوب آسيا لأكثر من 15 عامًا، لكنها واجهت دعوات متزايدة للاستقالة بعد أن سعت حكومتها إلى قمع المظاهرات التي اندلعت الشهر الماضي عندما قُتل ما لا يقل عن 300 شخص، وأصيب المئات.
وأشارت إلى أنه بعد مغادرة حسينة البلاد اليوم ، ويقال إنها هبطت في الهند، اخترق المتظاهرون بوابات المقر الرسمي لرئيسة الوزراء واقتحموا المكان، بينما تجمعت حشود كبيرة في أماكن أخرى من العاصمة مرددين شعارات النصر ولوحوا بالعلم الوطني لبنجلاديش.
ونقلت الصحيفة عن مصطفى الرحمن، وهو محاضر جامعي يبلغ من العمر 30 عامًا، وانضم إلى الاحتجاج خارج المقر قوله: “إنها ثورة الشعب ضد الدكتاتور”.
وتابعت أن حسينة، التي تولت منصب رئيسة الوزراء لأول مرة بعد فوزها بالانتخابات في عام 1996، أصبحت الزعيمة الأطول خدمة في البلاد بعد عودتها إلى السلطة في عام 2009، واستشهدت ابنة زعيم استقلال بنجلاديش الشيخ مجيب الرحمن، بتاريخ عائلتها في كثير من الأحيان من أجل الشرعية السياسية، بما في ذلك إنشاء محكمة جرائم الحرب لملاحقة الجرائم المرتبطة بحرب استقلال بنجلاديش عام 1971 ضد باكستان.
وأشارت إلى أن الاحتجاجات عكست إحباطًا عميقًا بين الشباب، الذين يتصارعون مع التضخم ومعدل البطالة الذي ظل يدور حول 16% لسنوات، وفقًا لبيانات الحكومة، بينما رأى كثيرون أن نظام الكوتة يصب في مصلحة حزب رابطة عوامي الحاكم الذي تتزعمه حسينة وأتباعه.
كما يشعر العديد من ال بنجلاديش بخيبة أمل إزاء افتقار الحكومة إلى الالتزام بالديمقراطية حيث قاطعت أحزاب المعارضة الرئيسية الانتخابات التي أعادت “حسينة” إلى فترة ولاية رابعة متتالية كرئيسة للوزراء في يناير الماضي.
ووفقا للصحيفة، لقد اعتُبرت بنجلاديش قصة نجاح اقتصادي، حيث بلغ متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي 6.5% على مدى العقد الماضي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعودها كمصدر للملابس منخفضة التكلفة، كما أن نصيب الفرد في الدخل أعلى من الهند، وتتفوق مؤشرات أخرى مثل متوسط العمر المتوقع ومحو الأمية بين الإناث على جارتها فيما انخفض معدل الفقر من 11.8% في عام 2010 إلى 5% في عام 2022، وفقًا للبنك الدولي.
لكن الملايين من الشباب يكافحون من أجل العثور على وظائف ويصارعون التضخم المرتفع حيث أثار إعادة تطبيق نظام الكوتة ـ الذي تم إلغاؤه في عام 2018 في أعقاب احتجاجات طلابية جماعية، ولكن أعيد العمل به في يونيو الماضي من قبل المحكمة العليا في بنجلاديش – غضب العديد من الطلاب الذين يواجهون سوق عمل صعبة خاصة أنهم يطمحون في الوظائف الحكومية باعتبارها وظائف مستقرة وجيدة الأجر، حسبما ذكرت الصحيفة.
وأعلنت الحكومة وقتها إنها ستحترم الحكم، ولكن بعد توقف قصير، جدد المحتجون مظاهراتهم، مطالبين هذه المرة بمحاسبة حسينة على ما قاله المحتجون والجماعات اليمينية إنه استخدام مفرط للقوة من قبل السلطات حيث فرضت الشرطة الشهر الماضي حظر تجول مع أمر “إطلاق النار فورًا” في جميع أنحاء البلاد، وأغلقت الإنترنت عبر الهاتف المحمول، بما في ذلك الوصول إلى العديد من منصات التواصل الاجتماعي.
ونقلت الصحيفة عن كانيز فاطمة ميثيلا، وهي ناشطة سياسية والتي كانت خارج مقر إقامة حسينة اليوم الاثنين قولها إن رئيسة الوزراء كانت تحكم بدون تفويض و”تبقينا تحت تهديد السلاح”.
كما نقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الجيش من المرجح أن يشكل حكومة انتقالية تدير البلاد إلى أن يتسنى إجراء الانتخابات التي قد يشارك فيها زعماء حزب المعارضة الرئيسي وهو الحزب الوطني البنجلاديشي، الذي كان من بين الأحزاب التي قاطعت الانتخابات التي جرت في يناير الماضي، وقد يتولون أدوارا رئيسية في حكومة مؤقتة على الرغم من أن رئيسة الحزب مريضة للغاية وأن بعض أعضائه سُجنوا خلال فترة حكم حسينة.