وفاة السيدة صوفي ويصا عن عمر يناهز 102 عاماً يمثل فقداناً لرمز من رموز الفن والمجتمع في مصر. صوفي ويصا لم تكن مجرد فنانة، بل كانت نساجة متميزة وشريكة مؤسسة في مركز رمسيس ويصا واصف للفنون، حيث ساهمت بشكل فعال في تطوير هذا المركز ليصبح منارة للفنون والحرف التقليara.
صوفي ويصا كانت ابنة لحبيب جورجي، الرسام والمعلم المعروف، الذي لعب دوراً كبيراً في توجيهها نحو عالم الفن. تحت إشرافه وتشجيعه، التحقت صوفي بمعهد الفنون وتخرجت منه في العام 1946، حيث أصبحت معلمة فنون. ولكن، لم يتوقف تأثير صوفي عند هذا الحد، بل امتد ليشمل العمل المجتمعي، حيث أسست نادياً في إحدى المناطق الفقيرة بالقاهرة، يتيح للأطفال ممارسة الرياضة وتعلم الفن واكتساب بعض مهارات العمل.
في العام 1948، تزوجت صوفي من رمسيس ويصا واصف، الذي سيصبح لاحقاً من أبرز النساجين المصريين. كانت هذه الشراكة الشخصية والفنية بين صوفي ورمسيس محورية في تطوير مركز “الحرانية” للفنون، الذي أُنشئ في منطقة الحرانية على أرض اشتراها الزوجان. هذا المركز لم يكن مجرد مكان لتعليم الحرف اليدوية، بل كان مساحة لتمكين النساء من العمل في بيئة صحية وآمنة، مما ساهم في تغيير نظرة المجتمع المحلي تجاه السيدات العاملات.
مع مرور الوقت، كسبت صوفي ويصا ثقة أهل الحرانية، وأصبح المركز مرجعاً مهماً للعديد من النساء اللاتي وجدن فيه مصدر أمان ودخل محترم. بعد وفاة رمسيس ويصا المفاجئة في العام 1974، تولت صوفي الإشراف على مجموعة من الفنانين الذين بدأوا مشروعاً جديداً تحت إشراف رمسيس، مما جعلها تلعب دوراً محورياً في استمرار وتطوير هذه الحرفة التقليدية.
وفي العام 1989، قامت صوفي ببناء متحف في حديقة المركز ليكون شاهداً على تطور النساجين المصريين، حيث جمعت فيه المجموعة الدائمة لأعمال زوجها الراحل وعرضت تطور النساجين منذ البدايات الأولى للتجربة.
صوفي ويصا لم تكن فقط مديرة للمركز، بل كانت أيضاً رسامة ذات إنجازات هامة. كانت خبيرة بالأصباغ الطبيعية الخاصة بالصوف، وعرضت أعمالها في العديد من الأماكن بالقاهرة. يُعتبر متحف ويصا واصف من بين أبرز الأماكن التي تضم بعضاً من أعمالها الخاصة، ليظل ذكرى حية لامرأة كرست حياتها للفن والمجتمع. صوفي ويصا ستبقى رمزاً للإبداع والالتزام المجتمعي، وستظل أعمالها وإسهاماتها خالدة في ذاكرة المصريين.