وسط حالة الفوضى العارمة التي يعاني منها العالم بأسره، وفيما يترقب الجميع اندلاع حرب في منطقة الشرق الأوسط، بسبب غباء وتعنت وصلف الكيان الصهيوني الذي أغلق أذنيه رافضًا صوت كل دعاة السلام، في إصرار عجيب على معاداة كل الأطراف وارتكاب جرائم غير مسبوقة. وسط كل ذلك هناك حالة من السلام والفرح والطمأنينة تملأ قلوب ملايين المصريين، مع قدوم صوم السيدة العذراء مريم الذي يبدأ الأربعاء القادم 7 أغسطس الجاري، وإذا تصفحت السوشيال ميديا ستجد أن مصر اليوم في عيد والتهاني متبادلة بين الجميع تحت شعار كل سنة وجميعنا بخير مع سيل من أيقونات السيدة العذراء مريم التي يسميها المصريون بأسماء عديدة منها – سيدة المحبة – مفرحة القلوب – جوهرة السماء – كنز الفضائل – فخر الجنس البشري، ووفقًا للتقويم القبطي يبدأ صومها من أول شهر مسرى والموافق 7 أغسطس ويستمر 15 يومًا حتى 16 مسرى الموافق الخميس 22 أغسطس وهو يوم صعود جسد السيدة العذراء إلى السماء حيث حملته الملائكة بعد وفاتها. وقد ذُكرت أسباب مختلفة لهذا الصوم، فقيل إن الكنيسة فرضته إكرامًا للسيدة العذراء المطوبة من كل الأجيال، وقيل إن الرسل (تلاميذ السيد المسيح) هم الذين رتبوه إكرامًا لنياحة (وفاة) العذراء، وقيل إن أحد التلاميذ (توما) شاهد صعود جسد السيدة العذراء فلما أخبر باقي التلاميذ اشتهوا أن يروا ما رأى توما، فصاموا هذا الصوم فأظهر الله لهم في نهاية الصوم جسد البتول، لذلك دُعي بـ (عيد صعود جسد أم النور) وأيًا كان السبب في اعتماد هذا الصوم، فهو صوم عام له قدسيته وتقدير كبير لدى الأقباط ويندر أن يفطر فيه أحد من المسيحيين لاقترانه باسم السيدة العذراء كاملة الطهر وكما قال أحد الآباء (إن كان مناسبًا أن تصير صيامات لأعياد السيد المسيح، فهكذا يليق بأعياد أمه الطاهرة أن نصوم صومها استعدادًا لأخذ بركتها مثل كل الأعياد). وفي مصر ولدى المصريين للسيدة العذراء قدسية خاصة وتجد أيقوناتها البديعة معلقة في عنق كثيرين وتزين منازل ومحال ومكاتب المسيحيين والمسلمين، ويتفاخر المسلمون أمام المسيحيين وهم يذكرون اسم السيدة العذراء وينبهون إلى أن اسمها ذكر في القرآن الكريم أربعًا وثلاثين مرة منتشرًا في سور (البقرة – آل عمران – النساء – المائدة – الأنبياء – المؤمنون)، بل إن باسمها سورة خاصة هي سورة مريم، ولم تُبجل سيدة مثلها في القرآن الكريم (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) – سورة آل عمران 42 – وفي الإنجيل (تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته، فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه) – لوقا 1: 46. هذه هي مريم عذراء الدهور وأم النور التي تفرح القلوب والتي طلبت الأمان لها ولطفلها السيد المسيح في أرض مصر، نطلب منها الشفاعة لتفرح قلوبنا وتحمي بلادنا.