مرور سبعين عامًا على رهبنة قداسة البابا شنودة الثالث الراحل ليس مجرد حدث احتفالي، بل هو تجسيد حي لتاريخ طويل من العطاء الروحي والفكري. هذه المناسبة التي احتفل بها المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي برئاسة نيافة الحبر الجليل أنبا إرميا الأسقف العام، جاءت لتؤكد على المكانة العظيمة التي يحتلها البابا شنودة الثالث في قلوب الأقباط والمسلميين والمثقفين على حد سواء.
ففي عالم مليء بالتغيرات السريعة والتحولات الاجتماعية، يبقى البابا شنودة الثالث رمزًا للتجذر في الإيمان والحكمة في القيادة.
المركز الثقافي القبطي: منارة للتراث والعلم
يعتبر المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي واحدًا من أهم المؤسسات الثقافية في مصر، حيث يعكس تاريخه الطويل دور الكنيسة القبطية في خدمة المجتمع وتعزيز الهوية الثقافية الوطنية.
تأسس المركز ليكون حاضنة للتراث القبطي بمختلف أبعاده، ولإحياء الثقافة القبطية من خلال تقديم فعاليات تعليمية وفكرية وفنية.
هذا الاحتفال بمرور سبعين عامًا على رهبنة قداسة البابا شنودة الثالث الراحل، جاء ليؤكد دور المركز في الحفاظ على هذا التراث العظيم وتعزيزه.
الاحتفال برمز روحي عظيم: تكريم الأساقفة والشخصيات العامة
شهد الاحتفال بذكرى رهبنة البابا شنودة الثالث الراحل حضورًا لافتًا لعدد من الأساقفة ونواب البرلمان بغرفتيه، وقيادات حزبية وسياسية، والشخصيات العامة الذين جاءوا ليعبروا عن احترامهم وتقديرهم لهذه الشخصية الروحية الفريدة.
كان من بين الحضور أنبا بولا، مطران طنطا وتوابعها، وأنبا رافائيل، الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، وأنبا سيداروس، الأسقف العام لكنائس عزبة النخل والمرج. حضور هذه الشخصيات الدينية البارزة يعكس تلاحم الكنيسة القبطية مع المجتمع المصري، ودورها الفاعل في الحياة الروحية والاجتماعية، ويؤكد على مدى تأثير البابا شنودة الثالث الراحل في نشر قيم المحبة والتسامح في المجتمع.
رموز المجتمع والسياسة: إشادة بدور البابا شنودة الثالث الوطني
لم يقتصر الحضور في هذا الاحتفال على الشخصيات الدينية فقط، بل شمل أيضًا نخبة من رموز المجتمع والسياسة الذين جاءوا ليعبروا عن تقديرهم للدور الوطني الذي لعبه البابا شنودة الثالث الراحل خلال حياته. من بين هؤلاء كان الكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين، الذي ألقى كلمة مؤثرة عن مواقف البابا الوطنية وجهوده في توطيد أواصر الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين. كما حضر النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، الذي أشار في كلمته إلى دور البابا شنودة الثالث الراحل في الحفاظ على وحدة الصف الوطني خلال فترات التحديات التي مرت بها مصر.
ومن بين الشخصيات الأخرى التي شاركت في الاحتفال، كان رجل الأعمال عيد لبيب وعضو مجلس الشورى الأسبق، الذي تحدث عن دور البابا في تعزيز القيم الأخلاقية والروحية في المجتمع. كما شارك المستشار أيمن بديع فلتس، رئيس محكمة جنايات القاهرة، والدكتور حنا جريس، عضو مجلس الشيوخ، والمستشار نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، والإعلامي محمد الغيطي، في الاحتفال، مؤكدين على أن البابا شنودة الثالث الراحل كان رمزًا للوطنية والإيمان.
الكلمة والترتيل: احتفاء بتراث البابا شنودة الأدبي والروحي
لم يكن الاحتفال بذكرى رهبنة البابا شنودة الثالث الراحل مجرد تكريم لمسيرته الروحية فقط، بل كان أيضًا احتفاءً بتراثه الأدبي والشعري الذي تركه للأجيال القادمة. و قدم كورال شباب الأنبا رويس عرضًا مميزًا لترانيم من قصائد البابا شنودة الثالث الراحل، وسليط الضوء على الجوانب الإنسانية والروحية التي عبر عنها في شعره.
المشاركون في الاحتفال: تشكيلة مميزة من العلماء والمثقفين
حرص المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي على دعوة عدد من العلماء والمثقفين للمشاركة في هذا الاحتفال الكبير، مما أضفى على الحدث طابعًا ثقافيًا وروحيًا عميقًا. كان من بين المشاركين القمص اليعازر الصموائيلي، مدرس بأكاديمية أرسطو ومعهد البشارة، الذي تحدث الذي ألقى كلمة حول أهمية الحفاظ على التراث القبطي ودور البابا شنودة الثالث الراحل في توجيه الأجيال الشابة نحو الإيمان والمعرفة.
كما شاركت الدكتورة نجوى الغزالي، أستاذ العهد القديم بالكلية الإكليريكية، بكلمة عن البعد اللاهوتي في كتابات البابا شنودة الثالث الراحل، مشيرة إلى تأثيره الكبير في تطوير الفكر اللاهوتي القبطي.
وبالإضافة إلى هؤلاء، كان هناك حضور مميز للفنان محمد ثروت، الذي عبّر عن مدى تأثره الشخصي بتعاليم البابا شنودة الثالث الراحل وأثرها في حياته الفنية والإنسانية.
رسالة حب ووفاء من المجتمع القبطي
هذا الاحتفال بمرور سبعين عامًا على رهبنة قداسة البابا شنودة الثالث الراحل جاء ليعبر عن الحب والوفاء الذي يكنه المجتمع القبطي لهذا القائد الروحي. الكلمات التي ألقيت خلال الاحتفال كانت تعبيرًا صادقًا عن مدى احترام وحب الجميع لشخصية البابا شنودة الثالث الراحل، الذي كان بالنسبة للكثيرين رمزًا للأبوة الروحية والقيادة الحكيمة.
الخاتمة: رحلة طويلة من العطاء الروحي والوطني
في الختام، يمكن القول إن هذا الاحتفال بمرور سبعين عامًا على رهبنة البابا شنودة الثالث الراحل كان بمثابة تكريم لرحلة طويلة من العطاء الروحي والوطني. كان حدثًا جمع بين التأمل في الماضي والنظر إلى المستقبل، مؤكدًا على أهمية الاستمرار في الحفاظ على هذا الإرث العظيم ونقله للأجيال القادمة.