اختطاف المقاومة: كيف صادرت إيران المقاومة في فلسطين وسوريا ولبنان واليمن والعراق وسحبت اختصاصات الجيوش الوطنية في هذه الدول لحساب ميليشياتها لصالح مشروع أمريكي خالص؟!
🔴 حينما رفض شاه إيران في السبعينيات وقف تصدير النفط الإيراني إلى الاتحاد السوفيتي وقطع العلاقات التجارية بين طهران وموسكو، رغم أن الشاه كان على علاقات تاريخية مع أمريكا وأوروبا، ولكن هذا لم يكن كافياً. بل كان المطلوب أيضًا قطع العلاقات بالكامل مع الاتحاد السوفيتي وبدء حرب استنزاف مع العراق، ثم لاحقًا تهديد السعودية ليتم ابتزازها. رفض شاه إيران هذه المطالب، وما هي إلا بضعة أسابيع وبدأ الغرب في تدبير الثورة الإسلامية ضد الشاه. وجاء الخميني إلى طهران على متن طائرة فرنسية بصحبة رجال مخابرات غربيين، وأول قرار اتخذه هو قطع العلاقات والنفط عن الاتحاد السوفيتي بدعوى أنه لا يجوز تصدير خيرات ديار المسلمين إلى الملاحدة، ولكن يمكن تصديرها إلى أوروبا وأمريكا على اعتبار أنهم من أهل الكتاب! ومن أجل حبك المسرحية، تم الاتفاق على لعبة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، وكان الغرض هو تسويق إيران الجديدة باعتبارها ماردًا إسلاميًا جديدًا بوجه الغرب، وبالتالي يتعاطف معها شعوب المنطقة العربية والإسلامية في أجندتها. ولكن في حقيقة الأمر، تم ابتكار تنظيم الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليكون نسخة إسلامية من إسرائيل كدولة وظيفية تنفذ الأجندة الأمريكية.
🔴 ما إن انتهت تلك المسرحية حتى بدأت إيران تنفيذ المطلوب منها في حربها ضد العراق، ثم تدبير عمليات إرهابية ضد السعودية والكويت في الثمانينيات، منها محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الصباح رحمه الله.
🔴 حينما أراد الغرب تدمير لبنان، وجدنا إيران وإسرائيل يتقاتلان على أرض لبنان. وقام حزب الله، ذراع إيران، بسحب كل اختصاصات الجيش اللبناني تحت مسمى المقاومة، رغم أن المقاومة الحقيقية هي تسليح الجيش وتدريبه والاندماج في مؤسساته وليس صناعة دولة موازية في الجنوب. فلم تحرر إيران جنوب لبنان من أجل العرب، ولكن تسلمته من إسرائيل باتفاق أمريكي ليصبح ولاية فارسية تحكمها طهران وتظل حصان طروادة في استنزاف لبنان حتى اليوم.
🔴 وحينما أراد الغرب تدمير سوريا، تقاتل الإسلام السياسي السني ممثلًا في تركيا مع الإسلام السياسي الشيعي ممثلًا في إيران على أرض سورية عشر سنوات، حتى أصبحت اليوم دولة مفككة.
🔴 وحينما أصبحت المقاومة العراقية خنجرًا في حلق الأمريكان، هرول آيات الله بالنفوذ الإيراني إلى العراق وأصبحت إيران اليوم تحكم العراق بالنيابة عن الأمريكان. فالاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان لم يكن في واقع الأمر سوى احتلال مشترك أمريكي إيراني.
🔴 وحينما أراد الغرب ابتزاز الخليج العربي من أجل أن تدفع السعودية والإمارات والكويت نصف عوائد النفط والغاز في صفقات سلاح، كان البعبع الإيراني النووي حاضرًا من أجل ابتزاز الخليج. وحينما حاول الخليج العربي المماطلة، تم تسليم اليمن إلى الحوثيين، الذراع الخليجي لإيران، وبدأت إيران تقصف الأراضي المقدسة في الحجاز. وللمفارقة، فإن الشعوب التي أدمنت العويل إذا ما ضُربت القدس أو بيروت أو دمشق على يد النسخة اليهودية من المؤامرة، لم نرَ لها أي ردة فعل بينما الصواريخ الفارسية تضرب الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية بما فيها مكة المكرمة عدة مرات، مما يجعلنا نفهم من الذي يصنع تلك البكائيات ولصالح من.
🔴 حينما أراد الغرب هدم الجيوش العربية، كانت إيران حاضرة بإرسال المقاتلين إلى العراق وليبيا واليمن والسودان وسوريا. وكانت الادعاءات الإيرانية أنهم يساعدون تلك الدول بالمجاهدين، بينما في واقع الأمر كان يتم مصادرة الجيوش الوطنية وسحبها من الميادين مقابل الميليشيات الإيرانية مثل فاطميون وزينبيون والحوثيون.
🔴 إذًا فكرة ابتكار تنظيم الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو ابتكار نسخة إسلامية من إسرائيل. وما الإسلام السياسي واليهودية السياسية سوى وجهان لعملة واحدة صهيونية ابتُكرت على يد بريطانيا ثم أصبحت ملكًا للغرب. وأصبحت لعبة تقسيم الأدوار بين الإسلام السياسي واليهودية السياسية هي أساس تدمير الدول العربية.
🔴 فالعلاقة بين إسرائيل وإيران هي التنافس على إرضاء أمريكا والغرب، التنافس على تنفيذ أجندة الغرب، التنافس على تنفيذ الأجندة الصهيونية. وأي خلافات بين هؤلاء فهي ليست خلافات بين الخير والشر أو طرف منهم يعمل من أجل المنطقة العربية، ولكنها خلافات بين أطراف تعمل على نفس أجندة الشر. خلافات من أجل نصيب أكبر من تورتة الربيع العربي والفوضى الخلاقة وتقسيم العالم العربي والإسلامي وهدم الدولة الوطنية والجيش الوطني ونهب خيراتها.
🔴 والهدف النهائي من هذه اللعبة هو الوصول لمصر. مصر هي الجائزة الكبرى لإسرائيل، مصر هي الحلم الأكبر للفرس الإيرانيين، والثأر الأعظم هو مع الأزهر الشريف. وتذكروا حينما رفع أحمدي نجاد الرئيس الإيراني علامة النصر من داخل الأزهر الشريف إبان حكم الإخوان، ظنًا منهم أنها لحظة التمكين. ما فعله الإسلاميون سواء كانوا في لبنان أو سوريا أو إيران أو غزة أو الإخوان هو مصادرة قيمة المقاومة لصالح مشروع أمريكي خالص، ليمنحوا أمريكا وإسرائيل الذرائع لتسوية غزة بالأرض واحتلال لبنان وانتهاك سيادة سوريا والعراق واليمن وسرقة ثرواتهم. وكلما توقفت الناس عن تصديق الإسلاميين، يعملوا لهم نمرة على إسرائيل عشان نرجع نهتف لهم تاني في مسرحية العداء المزيف. حتى لا مانع من أن نشهد حربًا وهمية إعلامية تبدأ بضربة إسرائيلية استعراضية بالاتفاق والإعلان المسبق داخل إيران لضرب منشآتها النووية المزعومة أو اغتيال أحد أفرادها، لتظهر إسرائيل بصورة حامية حمى المنطقة والعالم. وفي نفس الوقت، ترد إيران بصواريخ استعراضية لتعيد شعبيتها كقائدة المقاومة في المنطقة، بينما صواريخها الحقيقية موجهة نحو جيوش العرب ومكة المكرمة، وتمنح إسرائيل حق التمدد داخل الدول العربية، وخصوصًا لبنان ثم سوريا والأردن.
🔴 وبذلك يكون كل طرف قد حقق مصالحه وأهدافه من المسرحية الهزلية أمام الجمهور العربي والإسلامي، لتمديد وتوسيع نفوذ الطرفين على حساب الأرض العربية وتصفية الجيوش الوطنية العربية، التي للأسف كثير من الناس يصدقونها ممن لا يعلمون بالأبعاد التاريخية وألاعيب السياسة والمخابرات. ولكن الحقيقة أن مصر هي المقاومة الشريفة الحقيقية الوحيدة، وأنه لا انتصار حقيقي على إسرائيل سوى السادس من أكتوبر 1973، ولا يسعد ويؤمن إسرائيل سوى انهيار جيوش العرب. ونجحت إيران في تحقيق ذلك أكثر مما نجحت فيه إسرائيل نفسها في العراق وسوريا واليمن ولبنان. ولا يزعج إسرائيل إلا إعادة بناء وتقوية هذه الجيوش كما تفعل مصر اليوم في كل الدول العربية الجريحة. أما إيران وإسرائيل، فهما وجهان لعملة واحدة.. خربوا معًا الوطن العربي والعالم الإسلامي. ما لا تقدر عليه إيران تقوم به إسرائيل والعكس صحيح. تبادل أدوار لنفس الأجندة الغربية لتدمير العرب وجيوشهم الوطنية. نجحوا في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغزة. ويقاوم الخليج وليبيا وتونس والسودان. ولكن كعادة التاريخ، اصطدموا أمام الصخرة المصرية كما حدث مع الصليبيين والتتار، بثورة ٣٠ يونيو ووعي الشعب المصري العظيم وقوة وبأس الجيش المصري المرابط إلى يوم القيامة كما قال رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم. وقريبًا ستقتص القاهرة للجميع.