«أَعمى يَقودُ بَصيرًا لا أَبا لَكُمُ
قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ»
بيت شعر لشاعر العربية الكبير «بشار بن برد» يلخص حالة أعمى القلب، رئيس الوزراء الإسرائيلى، «بنيامين نتنياهو»، خطيبًا فى رهط من العميان فى الكونجرس الأمريكى.
مسرحية سياسية خلاعية، على مسرح هزلى مفضوح، عار إنسانى، لا أخلاقى، أمريكا (الرسمية) ماما أمريكا، فقدت ضميرها، تخلت عن شرفها، سقطت ورقة التوت عن عورتها، رقصت أمريكا على طبول نتنياهو، رقصة همجية بربرية، منحته صكًّا بقتل الأطفال والنساء، تصريحًا بالقتل.
مسرحية ساقطة شاهدها العالم بأسره، بطلها شرير مأفون متعطش للدماء، مجرم مطلوب للعدالة، أمريكا تفتح أبوابها لنازى صهيونى قاتل، وتستقبله استقبال المنتصرين، وتعده بالمزيد من الطائرات والقذائف ليمحو غزة من الوجود.
مشهد سياسى خلاعى بامتياز، على خشبة مسرح أمريكية، يليق به «مسرح برودواى»، حالة مسرحية خليط من الضلال والتضليل والإضلال الممنهج، الضلالى يُضلل المضللين بسردية مضللة.. وهم يضحكون ويمرحون ويقفون مصفقين، بل يهتفون، يعمهون فى ظلام أنفسهم.
تجسدت فى الكونجرس حالة عمى، والعمى الحيسى الذى يعمه فيه أعضاء الكونجرس ترسمه لوحة الفنان «بيتر بروخل» الأب من عصر نهضة الفنون الهولندية بعنوان «عميانٌ قادة عميان»، أو مثَل العميان.
تصوّر اللوحة الآية الواردة فى إنجيل (متّى ١٥:١٤) عن العميان قادة العميان، والمعنى، دَعُوهُمْ وَشَأْنَهُمْ، فَهُمْ عُمْيَانٌ يَقُودُونَ عُمْيَانًا. وَإذَا كَانَ الأَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى، يَسْقُطَانِ مَعًا فِى حُفْرَةٍ،
واللوحة محفوظة ضمن مجموعة متحف «كابوديمونتى» الوطنى فى نابولى بإيطاليا.
عميان يقودون عميانًا، عميان «الكابينت»، (مجلس الحرب الإسرائيلى) ورسولهم المفوه نتنياهو يقودون عميان الكونجرس إلى محرقة غزة «حقل الشوك»، هكذا تُعرف غزة فى الأدبيات العسكرية الإسرائيلية، سيحترقون بنيران غزة، وغدًا لناظره قريب فى الانتخابات البرلمانية القادمة، الشباب الأمريكى الرافض للهمجية الإسرائيلية لن يغفر لهم خطيئتهم فى حق الإنسانية.
وكأنهم مسحورون، عميان يتخبطون فى ظلام أنفسهم، ويصفقون فى صفاقة لأعمى القلب، ويهتفون للكذاب الأشر، نتنياهو الكذاب، ودموع التماسيح المتوحشة تسح من أعينهم، وعلى شفاههم تسيل دماء نساء غزة، وأيديهم غارقة فى دماء أطفالها، نتنياهو سحرهم بكذبه، كما سحر هتلر الألمان بكذبه، ومصير نتنياهو مصير هتلر مهما طال الزمن.
فى حالة عمى، شاهدت مجموعة من العميان يهتزون طربًا وهم يسمعون عن مجازر الاحتلال، ويتمايلون على صدى الإبادة الجماعية، ويتعامون عن إدراك أهداف حرب نتنياهو البربرية، يصفقون لمجرم حرب يتلذذ بسرد جرائمه البشعة، نتنياهو يقودهم إلى حفرة أخلاقية يسقطون فيها تباعًا فرادى وجماعات، غزة محرقة، حفرة نار موقدة، ووقودها أجساد الشهداء الأبرياء.
نتنياهو أعمى القلب لا يرى سوءة مصيره جيدًا، لن يُرسم بطلًا فى الكونجرس، ولن يخرج من الكونجرس بطلًا على جثث الخدج الرضع، ولن يغفر له شرفاء الكونجرس (التسعون)، الذين قاطعوه جريمته فى حق الإنسانية.
حتى إن العميان المصفقين سيحاسبونه تاليًا على جرمه وما اقترفت يداه عندما يستفيقون على هول المذبحة البربرية، ويحاسبهم الناخب الأمريكى على تصفيقهم وقوفًا تحية ودعمًا لمجرم حرب.
فعلًا العمى عمى القلب، والعمى الإسرائيلى عمى حيسى، والعمى «الحيسى» هو العمى الحسى، أى عمى حاسة الرؤية ذاتها الميؤوس منه، عمى دائم ليس مؤقتًا أو ناجمًا عن انفعال أو رد فعل على طوفان الأقصى.