عندما نتحدث عن السودان، فإننا نتحدث عن العمق الاستراتيجي والأمن القومي ووحدة المصير وذات الشريان والتاريخ المشترك والعديد من العوامل التي توضح مصداقية دولة بحجم مصر لا يمكن إغفالها.
فمصر لا تستطيع دعم جيشين داخل دولة واحدة، فلا يمكن أن تدعم ميليشيات متآمرة على وطنها، مرتزقة يسعون إلى المتاجرة بالصراع، ولا يهمهم تفتيت وطنهم كأداة في يد قوى دولية تسعى إلى تفتيت المفتت، يعملون كخونة لمن يدفع لهم. فمصر ليست كغيرها التي تتاجر بمحن الشعوب وتصنع أيادي تلعب في الظلام. فمصر لا تساوم حتى لو كان جنودها تحت رهن الإرهاب.
فمصر قادرة على حماية حدودها وجنودها تحت أي سماء، فهم خير جنود الأرض.
فمصر تعودت أن تكون الشقيقة الكبرى حتى لو تسبب ذلك في أحقاد الآخرين. فالشرف والمصداقية لا يتجزآن مهما كانت الضغوط، فنحن لسنا كغيرنا يحاولون أن يكون لهم موضع قدم حتى لو كان ذلك ثمنه مصائر الشعوب. فمصر لا تتاجر بذهب مهرب ولا تناصر جماعة قتلت مئات الآلاف من إخوتهم في دارفور.
مصر دائمًا تتعود على العمل على دعم إخوتنا كما تعودت عبر الزمن. فنحن لا نمن على أحد. فمصر “أحمس” ذهب إلى السودان لبناء العجلات الحربية التي ساعدتنا على طرد الهكسوس. فمصر تنظر إلى بعنخي الجنوبي بذات النظرة إلى مينا وأحمس وتحتمس ورمسيس.
فمصر الحديثة هي مؤتمر الخرطوم 68 وما تلاه من نقل الكلية الحربية إلى الخرطوم لبناء أسود قادرة على تحرير الأرض وتحرير الإرادة. فمصر من تساعد ولا تمن. فلا مجهول على أحد أن جيش الأشقاء سيستمر جيش الأشقاء، فالجميع تآخت دماؤهم في الفاشودة وسيناء. فمصر تنظر إلى إقليم الفشقة المحتل بنفس النظرة إلى سيناء المحررة.
وأخيرًا أود أن أذكر بصوت التاريخ لمن بيده الأمر بدالة الثقة في الوطنية التي لا يختلف عليها أحد. فالتاريخ يعلمنا دروسًا دائمة تتناقل جيلًا بعد جيل. فالزعيم مصطفى النحاس قالها مدوية “أن تقطع يداي ولا أوقع على انفصال السودان”، ومن ثم كان إلغاؤه لمعاهدة 1936 مقترنة بإلغاء معاهدة 1899 التي كتبت بليل. وقد حاول اللواء محمد نجيب الحفاظ على وحدة الشعبين المصري والسوداني فدفع ثمن ذلك بخلعه عن السلطة حسب تسريبات المخابرات الأمريكية التي كانت تعقد مساومات مع عبد الناصر بالضغط لانفصال السودان وعدم قيام حكومة شيوعية مقابل الضغط على الإنجليز للخروج من مصر، حسب ما ذكر في كتاب “لعبة الأمم” لمايلز كوبلن وكريميت روزفلت. وأيضًا ما كان من مساهمات امتداد المؤامرة التي دفع ثمنها السادات من ثمن التكامل الاقتصادي مرورًا بالحريات الأربعة مع السودان. وبذات السبب لم يحاول مبارك الرد على محاولة اغتيال بأذى أي من إخوة الجنوب.
فالشرق الأوسط الجديد والربيع العربي المزعوم الذي يهدف إلى المزيد والمزيد من التفتيت ينهار على صخرة الإرادة السياسية الصلبة التي تعرف تكلفة التهاون في مصائر الشعوب. فنحن الآن أمام لحظة فارقة من التاريخ، لا يمكن لنا إلا أن نتعاون مع الجيش السوداني الصامد ضد التفتيت. فلا يمكن لنا أخلاقيًا إلا الوقوف في ذات الخندق ضد المؤامرات الأجنبية الساعية ليست مجرد التفتيت والتقسيم المساحي بل الساعية عبر خونة الأوطان ومرتزقة الاستعمار إلى التفتيت النفسي عبر التاريخ. فما يقوم به الجنجويد المسمى حديثًا بقوات الدعم الشعبي هو ذاته ما قامت به إنجلترا من أحداث الفرقة بين الشعب الواحد الشقيق.
فأستأذن هامسًا لمن بيده الأمر، لقد حان وقت الوحدة. فالوحدة تعني الآن المحافظة على مصائر ومقدرات الشعوب من ماء وحرية وكرامة، ممزوج هذا وذاك وتلك مع المصالح الاقتصادية المتمثلة في العمق الاستراتيجي المأمن للغذاء والضامن للأمن والحامي من التقسيم.
لتحقيق حلم لكل أبناء وادي النيل:
- تصل مساحة الدولة إلى 3 ملايين كيلومتر مربع – حلم الدولة الأقوى في الشرق الأوسط وأفريقيا وواحدة من العشر الدول الكبرى.
- مقعد دائم بمجلس الأمن.
- 5 أو 6 ملايين فدان مزروعة قمح وذرة.
- تطوير وتحسين سلالات الماشية لتكون من الخمس دول الكبرى المصدرة.
- إعادة العزة والشموخ لشعب وادي النيل.
تحيا مصر … ويستمر السودان في القلب.
مينا فتحي نبيه