وداع قائد في المخابرات
في يوم حزين يسجله التاريخ، ودعت مصر بألم وحزن عميقين واحدًا من أبرز رموزها العسكرية، اللواء أركان حرب محمد فريد التهامي، المدير الأسبق للمخابرات العامة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، الذي وافته المنية بعد صراع طويل مع المرض في مركز الطب العالمي.
ستكون صلاة الجنازة على جثمانه في القاهرة، حيث ستحتشد الجماهير لتوديع هذا البطل الكبير الذي أفنى حياته في خدمة الوطن.
حياة مهنية مليئة بالإنجازات
في الأول من يناير عام 1947، ولد محمد فريد التهامي ليصبح فيما بعد أحد أعمدة القوات المسلحة. تخرج في الكلية الحربية في ديسمبر 1967، وبدأ مسيرته العسكرية التي كانت مليئة بالمحطات المشرفة والإنجازات الكبيرة، والتي جعلته يحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين.
تولي المناصب القيادية
قيادة سلاح المشاة
بعد تخرجه، تولى اللواء التهامي جميع الوظائف القيادية في القوات المسلحة في سلاح المشاة. هنا أظهر كفاءته ومهاراته العسكرية العالية، وأثبت جدارته في ميادين القتال والتدريب.
قائد فرقة مشاة ميكانيكي
تدرج في المناصب حتى أصبح قائد فرقة مشاة ميكانيكي، ليؤكد على الثقة الكبيرة التي كانت توليها له القيادة العسكرية. لم يكن هذا المنصب مجرد نقطة في مسيرته، بل كان شهادة على تفانيه وإخلاصه.
قائد التشكيل التعبوي
عين قائداً للتشكيل التعبوي، وهو أحد أهم المناصب العسكرية التي تتطلب خبرة واسعة وقيادة محنكة، حيث أثبت جدارته في هذا المنصب كذلك.
مدير المخابرات الحربية والاستطلاع
وفي هذا المنصب، تميز بإدارته الحازمة والفعالة للمخابرات الحربية والاستطلاع، ما جعل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك يصدر قراراً جمهورياً بتعيينه رئيساً لهيئة الرقابة الإدارية في 21 مارس 2004.
مسيرة في الرقابة والإدارة
خلال فترة رئاسته لهيئة الرقابة الإدارية، كان اللواء التهامي رمزاً للنزاهة ومكافحة الفساد. تمكن من تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال، محارباً الفساد بكل قوة وإصرار. إلا أن فترة رئاسته شهدت تحولات سياسية كبيرة، حيث أقاله الرئيس السابق محمد مرسي من منصبه كرئيس لهيئة الرقابة الإدارية في 2 سبتمبر 2012، وسط حالة من التوتر والاضطراب السياسي.
رئاسة المخابرات العامة
بعد ثورة 30 يونيو، كلفه الرئيس المؤقت عدلي منصور برئاسة جهاز المخابرات العامة في 5 يوليو 2013، خلفاً للواء محمد رأفت شحاتة. خلال فترة رئاسته لجهاز المخابرات العامة، عمل اللواء التهامي على تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد، في وقت كانت تواجه فيه مصر العديد من التحديات الأمنية والسياسية، وعلى رأسها الإرهاب الأسود الذي أطل برأسه علينا.
بصمة لا تُمحى
ترك اللواء محمد فريد التهامي بصمة لا تمحى في كل المناصب التي شغلها. وكان له دور كبير في تعزيز الأمن القومي المصري ومحاربة الفساد. تتذكره الأوساط العسكرية والمخابراتية التي خدم فيها، حيث يتمتع بكل تقدير واحترام لما قدمه من خدمات جليلة للوطن.
الإرث الوطني
رحيل اللواء التهامي خسارة كبيرة لمصر. ولكنه يترك خلفه تراثًا من الوطنية والتفاني في خدمة بلاده، ليبقى ذكراه حية في قلوب المصريين. إن التهامي، برغم رحيله، سيظل رمزًا للفداء والوطنية، وسيظل دوره في الدفاع عن مصر ومصالحها مثار إعجاب وتقدير كل الأجيال.
الحياة الشخصية والمهنية
محمد فريد التهامي لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان أيضاً إنساناً يتمتع بقلب كبير وعزيمة قوية. خلال مسيرته المهنية، تألق التهامي في مختلف الأدوار التي تقلدها، مظهراً قدرة فائقة على الإدارة والتخطيط الاستراتيجي. كان معروفاً عنه حرصه الشديد على تحقيق العدالة والنزاهة، ومحاربته للفساد بكل أشكاله، مما جعله رمزاً يحتذى به في مجال مكافحة الفساد.
تحديات المرحلة
تولى التهامي رئاسة جهاز المخابرات العامة في فترة عصيبة، حيث كانت مصر تواجه تحديات أمنية وسياسية غير مسبوقة. بفضل قيادته الحكيمة، تمكنت البلاد من تجاوز العديد من هذه التحديات، حيث قام بتحسين آليات العمل الأمني والاستخباراتي، مما ساهم في تعزيز الأمن والاستقرار.
الإرث العسكري
ترك التهامي إرثاً عسكرياً مشرفاً، فقد كان يُعرف عنه صلابته وقوة إرادته، وقدرته على اتخاذ القرارات الحاسمة في الأوقات الحرجة. خلال خدمته في القوات المسلحة، شارك في العديد من العمليات العسكرية التي أسهمت في حماية مصر ومصالحها الاستراتيجية.
دعم الاستقرار والتنمية
لم يكن دور التهامي مقتصراً على المجال العسكري والاستخباراتي فقط، بل امتد تأثيره إلى دعم الاستقرار والتنمية في مصر. عمل بشكل دؤوب على تعزيز دور المؤسسات الوطنية في مكافحة الفساد، وإرساء قواعد الشفافية والنزاهة في مختلف القطاعات.
الوداع الأخير
في يوم وداعه الأخير، احتشدت الجماهير من كل حدب وصوب، لتوديع رجل أعطى لمصر الكثير من حياته وتضحياته. كانت جنازته رمزاً للحب والتقدير الذي يكنه المصريون لهذا البطل، الذي سيظل اسمه محفوراً في سجل الأبطال الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن.
الخاتمة
إن رحيل اللواء محمد فريد التهامي هو بمثابة صفحة جديدة في كتاب الوطنية المصرية. سيظل ذكراه حياً في قلوبنا، ونعاهد الله والوطن أن نستمر في الدفاع عن مصر بكل ما أوتينا من قوة، مستلهمين من سيرته العطرة وعزيمته الصلبة.