فراشة لبنان الراقية، الفنانة الكبيرة «ماجدة الرومى» قبّلت عَلَم مصر، وغنت أيقونة وطنية مصرية «أحلف بسماها وبترابها»، وتفاعل معها الجمهور تفاعلًا يليق بجميل صنيعها، وتقبلها بقبول حسن، بترحاب بلغ حد الهتاف تصفيقًا.
واحتفت المنصات الإلكترونية العربية، ولاسيما المصرية، ولم تَشِذّ اللبنانية، احتفت بلفتة بنت الرومى، مديح، وتقريظ، وحكى جميل، عن لبنان الشقيق، وبنت الرومى العاشقة، وووو، ولم نسمع فى الجوار اللبنانى حرفًا يخونها، أو مَن ينزع عنها الجنسية، أو يتهمها فى شرفها الوطنى، كيف تُقبل عَلَمًا غير عَلَمها وتغنى لوطن غير وطنها، وتتغزل فى جيش غير جيشها..؟!.
صنيع ماجدة الرومى محل تقدير واحترام، وعادة يشيع بيننا قول مأثور: «من حبنا حبناه وصار متاعنا متاعه ومن كرهنا كرهناه يحرم علينا اجتماعه»، وماجدة مُحِبّة، ونحن نحبها لله فى لله.
تخيل من الخيال المحلق فى الفضاء الإلكترونى، فعلتها فنانة مصرية، وقبّلت عَلَم دولة عربية، وغنّت مثلًا أغنية خليجية، وأشادت برجالها، الذين حولوا أرض الألغام إلى أرض الأنغام.. كما تغزلت ماجدة الرومى.
تخيل وأنا لك من الناصحين، ولا تخجل من الخيال، قلها ولا تخف، لو فعلتها مغنية مصرية بحجم ماجدة الرومى، لو فعلتها السمراء شرين عبدالوهاب، لو فعلتها الكبيرة أنغام، لحلت عليها اللعنة الأبدية، وصار السؤال للمفتى: ما عقوبة مَن يُقبل عَلَمًا غير عَلَمه على مسرح خارج الحدود.. ويغنى فى محبة وطن غير الوطن..؟!.
مجرد خيال لأن الواقع فاق الخيال، أُحيلك إلى ذبح فنان، (لا حاجة لنا بالأسماء)، لمجرد أن جامل جمهور بلد شقيق على المسرح ساعة السلطنة والغناء، وقال فيهم قولًا كريمًا.
تخيل أحدهم حمل عَلَم بلد شقيق، وقبّله، وغنى من أغانيه المحببة، وعلى ذكر ماجدة الرومى، تخيل من الخيال أن العظيمة «نجاة» فعلتها، وقد كُرمت فى «الرياض»، وأنزلوها خير منزل، يقينًا كانت قامت القيامة، وأشعلها المغردون، وسخّنها المفسفسون، وسَنَّ الجزارون سكاكينهم، واستل المغاوير سيوفهم، ولكانت مذبحة لم يرَ «يوتيوب» مثلها مثيلًا من قبل.
أقول قولى هذا، وكلى خشية، أتحسّب لهجمة تخوينية، ولاسيما أن موقفى من مخطط استلاب القوى الناعمة منشور، وخشيتى على استنفاد قوى مصر الناعمة معلوم، ولكن ما يلفتنى الشيزوفرينيا، الفُصام المجتمعى، نرفع ماجدة الرومى عنان السماء، ونعفر وجه نجومنا بالتراب.
الفنان فنان يتميز بالعاطفية، جيّاش المشاعر، انفعالى بطبعه، مجامل بالسليقة، فإذا اشتَطَّ، فانحرف، انجرف عاطفيًّا، سحبه الموج، حنانيكم، لا هو موقف، ولا هو تخلٍّ.. فقط براجماتية لا تترجم أبدًا خيانة وطنية.
بطبعى، من أنصار القاعدة المستقرة، التمس لأخيك ٧٠ عذرًا، مثل هذه القاعدة للأسف مفتقدة فى الحوار المجتمعى، وأكثر وضوحًا بين النخب، ويتبعها الغاوون، حوارات النخب ملؤها الترهيب، والتخوين، آفة حارتنا التخوين.
وهكذا تتناثر الاتهامات كمياه النار، حارقة تشوى الوجوه، لم تبرأ الساحة الوطنية من أمراضها المزمنة والسارية، الاغتيالات المعنوية وصفة مُجرَّبة، فزّاعة لكل صاحب موقف أو رأى يعتقده صوابًا، وتجرّأ وأعلنه على الناس.