منذ أن بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة الكبير، كانت الطموحات معلقة على هذا المشروع باعتباره واحدًا من أكبر المشاريع التنموية في تاريخ البلاد. كان السد يهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف الحيوية، منها توليد الكهرباء، وتخزين المياه، وتحقيق الازدهار الاقتصادي. ومع ذلك، وبعد سنوات من البناء والتطوير، يبدو أن السد فشل في تحقيق معظم أهدافه، وتحول من مشروع طموح إلى شلال مياه غير مجدي. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل جوانب الفشل التي واجهها السد الإثيوبي الكبير.
الفشل في تخزين المياه
الطموحات الكبيرة والواقع المرير
كان من المخطط أن يتم تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه في غضون أربع سنوات، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. فقد تم تخزين 35 مليار متر مكعب فقط خلال نفس الفترة. هذا الفرق الكبير بين الطموح والواقع يعكس فشلًا واضحًا في التخطيط والتنفيذ.
الأسباب المحتملة للفشل
من بين الأسباب التي قد تفسر هذا الفشل، نقص الكفاءة في الإدارة، والمشاكل الفنية التي واجهتها عمليات التخزين، بالإضافة إلى التحديات البيئية والجغرافية التي لم تكن في الحسبان.
الفشل في توليد الكهرباء
الإعلانات الكبيرة والنتائج الضعيفة
كان من المُعلن أن يتم تركيب 16 توربينًا لتوليد الكهرباء بنهاية عام 2021. ومع ذلك، لم يتم تركيب سوى توربينين فقط، وهما معطلان معظم الوقت، ولم يتم توليد أي كهرباء حتى اليوم. هذا يعكس فشلًا كبيرًا في تحقيق الأهداف المعلنة، مما يضع المشروع تحت مجهر النقد.
التحديات الفنية والتقنية
تواجه إثيوبيا تحديات فنية كبيرة في تشغيل وصيانة التوربينات، والتي قد تكون نتيجة لنقص الخبرة الفنية اللازمة، بالإضافة إلى مشاكل تتعلق بالبنية التحتية وعدم استقرار الإمدادات.
الفشل في تعطيش مصر
الأهداف الخفية والواقع
كان الهدف غير المعلن من بناء السد هو تعطيش مصر من خلال التخزين السريع للمياه. ومع ذلك، لم يتحقق هذا الهدف، حيث تمكنت مصر من التأقلم مع الوضع وحجزت كميات من الفيضان الغزير التي لم تؤثر بشكل كبير على حصتها من المياه.
إدارة المياه في مصر
مصر كانت ولا تزال مستعدة لمواجهة أي تهديدات تتعلق بالمياه، وقد أثبتت قدرتها على إدارة مواردها المائية بكفاءة. مفيض توشكى يعد شاهدًا على قدرة مصر على التعامل مع التحديات التي يفرضها السد الإثيوبي.
الفشل في استدراج مصر للحرب
التوقعات والصمود المصري
كان من المتوقع أن يؤدي بناء السد إلى استدراج مصر لحرب مع إثيوبيا، لكن ذلك لم يحدث. تمكنت القيادة المصرية من التعامل مع الأزمة بحكمة وصبر، مما أفشل خطط إثيوبيا في هذا السياق.
الدبلوماسية المصرية
اعتمدت مصر على الدبلوماسية والحوار الدولي لحل الأزمة، واستطاعت كسب دعم المجتمع الدولي، مما عزز موقفها وساهم في تجنب التصعيد العسكري.
الفشل في إثارة المصريين ضد جيشهم وقيادتهم
الثقة المتينة بين الشعب والقيادة
كان من المخطط أن يؤدي بناء السد إلى تهييج المصريين وإفقادهم الثقة في جيشهم وقيادتهم. ولكن، العكس هو الذي حدث، حيث ظل المصريون على ثقة كبيرة بقيادتهم وجيشهم، وهو ما يظهر من خلال الدعم الشعبي المستمر للقيادة السياسية في مصر.
الوعي الشعبي المصري
الوعي الشعبي في مصر كان عنصرًا حاسمًا في إفشال خطط إثيوبيا، حيث فهم المصريون التحديات التي تواجه بلادهم ووقفوا صفًا واحدًا خلف قيادتهم.
الفشل الشامل للسد
الأهداف المعلنة وغير المعلنة
فشل السد في تحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة. فلم ينجح في تخزين الكميات المستهدفة من المياه، ولا في توليد الكهرباء، ولا في تعطيش مصر أو استدراجها للحرب. هذا الفشل الشامل يعكس سوء التخطيط والتنفيذ من الجانب الإثيوبي.
الدروس المستفادة
يمكن لإثيوبيا والدول الأخرى أن تتعلم من هذا الفشل أهمية التخطيط الجيد والتنفيذ الدقيق لأي مشروع ضخم، بالإضافة إلى ضرورة التعامل بشفافية وصدق مع الجيران والمجتمع الدولي.
الشاهد عبر الأجيال
السد كرمز للفشل
سيظل السد الإثيوبي الكبير شاهدًا عبر الأجيال على الفشل الكبير في تحقيق الأهداف الطموحة. سيظل جسم السد الغارق تحت مياه النيل الأزرق رمزًا للفشل الذي يتحدى التوقعات، وسيبقى ذكرى للأجيال القادمة على مصير من يتحدى الدولة المصرية.