بقلم صموئيل العشاي:
لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر وينمو دون وجود نظام قضائي قوي وحرية صحافة مكفولة. فالحكم القضائي العادل يمثل العمود الفقري للعدالة والمساواة، بينما تشكل حرية الصحافة الضمانة الأساسية للشفافية والمساءلة.
سنتناول معكم اعزائى القراء الحكم الصادر بشأن حرية النشر حول الموظفين العامين والنواب، وكيف يعزز هذا الحكم من حرية الصحافة في مصر.
الحكم مرجعية قانونية وحجة
الحكم الصادر في هذه القضية لم يكن مجرد حكم عادي، بل هو درس في العدالة ومرجعية قانونية ستظل حجة أمام القضاء للأجيال القادمة. فقد سُجل هذا الحكم في صفحات التاريخ بحروف من نور، ليمثل انتصاراً للحق والعدالة.
تفاصيل الحكم
في السادس من يوليو الجاري، أصدرت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر وعضوية المستشارين رجب عبدالحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقى والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة، وحضور المستشار الدكتور عماد طارق البشرى، رئيس هيئة المفوضين، وأمانة سر عبد الرحمن حمدى.
حكمًا تاريخيًا يقضي بحظر توقيع عقوبة سالبة للحريات بشأن جرائم النشر وحرية الصحافة وحقوق المواطنين في النقد.
الأثر القانوني للحكم
هذا الحكم له تأثير كبير على القوانين والأحكام المتعلقة بحرية الصحافة والنشر في مصر. فقد أكد الحكم على أن النقد الموجه إلى الموظفين العموميين يجب أن يكون محميًا طالما كان الهدف منه تصحيح الأوضاع وتبصير الرأي العام. و أشار الحكم إلى أن التشريعات الحالية يجب أن تتماشى مع المبادئ الدستورية التي تحمي حرية التعبير.
موقف القانون والدستور
استندت المحكمة في حكمها إلى المادة 65 من الدستور التي تكفل حرية الرأي وحق التعبير عنه بكافة الوسائل. وأكدت أن النقد وخاصة النقد السياسي يعد جزءًا من حقوق المواطنين الأساسية، ويعزز الشفافية.
واستشهدت المحكمة بالمادة 32 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والتي تحمي الصحفيين من العقوبات الجنائية طالما كان النقد في نطاق العمل العام وبحسن نية.
تداعيات الحكم
من المتوقع أن يكون للحكم تداعيات واسعة على الحريات العامة في مصر. و يعزز من حرية الصحافة ويشجع على المزيد من الشفافية والمساءلة. ويؤدي إلى إعادة النظر في القوانين الحالية المتعلقة بالنشر وحرية التعبير، وضمان توافق المواد القانونية المختلفة مع المبادئ الدستورية.
فخر الصحافة بقضايا الحريات وحرية الرأي والتعبير
بصفتي صحفيًا مهتمًا بقضايا الحريات وحرية الرأي والتعبير، أشعر بفخر كبير بهذا الحكم. فهو ليس مجرد انتصار قانوني، بل هو تأكيد على أهمية حماية الحقوق والحريات في مجتمعنا، ودليل على أن العدالة ستظل دائماً منتصرة.
الحكم مرجعية قانونية
الحكم الصادر في هذه القضية هو علامة فارقة في تاريخ القضاء المصري، ويمثل درسًا في العدالة ومرجعية قانونية ستظل حجة أمام القضاء للأجيال القادمة. و يسجيل انتصار للحق والعدالة، ويمثل نقطة تحول في حماية الحريات والحقوق في مجتمع الصحافة وحرية الراى والتعبير.
تأثير الحكم على الصحافة والمجتمع
الحكم ليس مجرد انتصار قانوني، بل هو رسالة واضحة لدعم حرية الصحافة وحماية الصحفيين من العقوبات السالبة للحرية عند ممارسة عملهم بنية سليمة وضمن إطار القانون. و يعزز من مكانة الصحافة كركيزة أساسية للديمقراطية، ويسهم في تعزيز حرية التعبير والنقد البناء، مما يدفع نحو مجتمع أكثر شفافية ومحاسبة.
تفاصيل القضية
القضية تعود إلى عام 1997، حيث تم اتهام المكاوي بقذف عميد كلية العلاج الطبيعي عبر مقالات نشرت في جريدة الأحرار، ونعته بالتزوير والإضرار بالمال العام. وبعد تداول القضية أمام محكمة الجنايات، تم تغريم المكاوي أربعين ألف جنيه وألزمه بدفع تعويض مدني قدره ألفين وواحد جنيه.
الموقف القانوني والدستوري
أكدت المحكمة الدستورية أن حرية التعبير هي حق مكفول لكل مواطن، وأن نقد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير يعد حقًا مكفولًا يضمن تدفق المعلومات وتداولها بحرية، بما يعزز النظام الديمقراطي. ونص الدستور على أن حرية الرأي مكفولة، وأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير.
الأهمية المستقبلية للحكم
إن هذا الحكم يمثل تحولًا كبيرًا في كيفية تعامل النظام القضائي مع قضايا النشر والسب والقذف ، ويعزز من مكانة الصحافة ويعطيهم الحماية اللازمة لممارسة عملهم دون خوف من العقوبات السالبة للحرية. ويشجع على المزيد من النقد البناء والشفافية في العمل العام، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر ديمقراطية.