قصة جميلة بوحريد والسينما المصرية
في عام 1958، تم عرض فيلم “جميلة بوحريد”، وهو عمل سينمائي مصري يتناول قصة المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد التي كانت حينها في السجن ومحكوم عليها بالإعدام، تنتظر الموت في أي لحظة. الفيلم من بطولة ماجدة التي أدت دور جميلة، وشاركها في هذا العمل نخبة من عمالقة التمثيل مثل رشدي أباظة، محمود المليجي، صلاح ذو الفقار، أحمد مظهر، حسين رياض، زهرة العُلا، فاخر فاخر، والسيناريو كان من كتابة عبد الرحمن الشرقاوي والأديب العالمي نجيب محفوظ، وأخرجه المخرج الكبير يوسف شاهين.
السياق التاريخي للفيلم
أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر، كانت قصة جميلة بوحريد واحدة من العديد من القصص التي تم التعتيم عليها إعلاميًا من قبل السلطات الفرنسية. لم تكن هناك تكنولوجيا تمكن من نقل الأخبار بشكل واسع، لذا كان موضوع جميلة غير معروف للكثيرين. لكن الفنانة ماجدة كانت تتابع القصة عن كثب وقررت أن تنتج فيلمًا يحكي قصة حياتها لتسليط الضوء على معاناتها ولإثارة الاهتمام العالمي بقضيتها.
نجاح الفيلم وتأثيره
انتشار الفيلم عالميًا
عرض الفيلم في العديد من الدول وشارك في مهرجانات عالمية، محققًا نجاحًا كبيرًا وانتشارًا واسعًا. في كل بلد يُعرض فيه، كانت تُقام مظاهرات تطالب بالإفراج عن جميلة بوحريد. تحول الفيلم إلى أداة قوية للتحرك الدولي ضد فرنسا، مما أدى إلى كتابة الصحف العالمية عن قضيتها وانتشار جملة “أنقذوا جميلة” كالهشتاج الحديث.
التأثير على الرأي العام
بفضل الضغط العالمي، اضطرت فرنسا إلى تخفيف الحكم على جميلة من الإعدام إلى السجن المؤبد. وبعد تحرير الجزائر عام 1962، تم إطلاق سراحها. المدافع عن جميلة في هذه القضية كان محاميًا فرنسيًا تزوجها بعد تحريرها. اليوم، جميلة بوحريد ما زالت على قيد الحياة، وتزور مصر كثيرًا عرفانًا منها بالدور الكبير الذي لعبته السينما المصرية في إنقاذها، وآخر زياراتها كانت في عام 2020.
التأثير العميق على المجتمع الفرنسي
شهادة جان بول سارتر
الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر كتب عن الفيلم قائلاً: “الفيلم جسد أمامي حجم الجُرم الذي ارتكبناه في حق الإنسانية. إن هذه الممثلة الصغيرة الكبيرة أسقطت مني الدموع وأنستني جنسيتي”. هذه الشهادة تعكس كيف يمكن للفن الهادف والمحترم أن يؤثر بشكل عميق في الشعوب ويغير مسار الأحداث.
السينما المصرية: تأثير عالمي
كان للفن المصري تأثير كبير ليس فقط في مصر ولكن على المستوى العالمي. في فترة ما، كانت السينما المصرية تنافس هوليوود، وأفلامها كانت تجوب العالم وتترجم إلى عدة لغات. لدينا أفلام مصرية مصنفة ضمن أفضل 1000 فيلم في تاريخ السينما العالمية.
خلاصة
لا يمكن الاستهانة بقوة الفن وتأثيره على الشعوب. فيلم “جميلة بوحريد” هو مثال حي على كيف يمكن لفيلم واحد أن يغير مصير شخص وينقذ حياته، ويعبر عن قوة السينما المصرية وتأثيرها الكبير عالميًا.