نداء إلى الشعب الإيراني: “لا تتركوني”
في صباح يوم السبت، كتب الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بيزشكيان، على موقع X: “أقسم بشرفي ألا أترككم في الرحلة الصعبة التي تنتظرنا. لا تتركوني”. هذا النداء يعكس بوضوح وعي بيزشكيان بالتحديات الهائلة التي تنتظر بلاده، بدءًا من النظام السياسي الذي شهد مقاطعة نصف الناخبين للانتخابات، وصولاً إلى الاقتصاد المتدهور بفعل العقوبات الدولية وسوء الإدارة والفساد، وبيئة دولية مشحونة بالتوتر في العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة.
مقاربة بيزشكيان للمشاكل الداخلية والخارجية
خلال الحملة الانتخابية، سلط بيزشكيان الضوء على بعض المشاكل في النظام السياسي والاقتصاد الإيراني، لكنه لم يقدم حلولاً واضحة. ومع ذلك، في سياق السياسة الخارجية، كان بيزشكيان واضحاً بشكل ملحوظ. من خلال مقارنة تصريحاته بتفضيلات المرشد الأعلى علي خامنئي وفيلق الحرس الثوري الإسلامي، يمكننا التنبؤ بسياسة إيران الخارجية في ظل الرئيس الجديد وتقييم آثارها على الأمن الإقليمي في السنوات الأربع المقبلة.
الأزمة النووية: طريق التفاوض
كانت القضية النووية في صلب معظم المناظرات الرئاسية، حيث دافع بيزشكيان عن الدبلوماسية النووية للرئيس السابق حسن روحاني، التي بلغت ذروتها في عام 2015 بخطة العمل الشاملة المشتركة. كما اتهم بيزشكيان منافسيه، المفاوض النووي السابق سعيد جليلي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، بتخريب محاولات روحاني لإعادة التفاوض على الخطة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في عام 2021.
النفوذ العسكري والسياسي: عقبة أمام التغيير
يتمتع بيزشكيان بتفويض شعبي لإحياء المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، لكن القرارات الاستراتيجية في إيران يتخذها المجلس الأعلى للأمن القومي، حيث يمارس الحرس الثوري الإيراني نفوذاً كبيراً، والذي يجب أن يوافق خامنئي على قراراته. من غير المرجح أن يأذن خامنئي بجولة جديدة من المفاوضات حتى معرفة نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
التحسن في العلاقات مع الجيران العرب
أشاد بيزشكيان بتحسن علاقات إيران مع جيرانها العرب، خاصة السعودية والإمارات، في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. كما أثار بيزشكيان قضية هجوم الغوغاء على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران في عام 2016، متهماً معارضي روحاني بتدبير الهجمات لعزل إيران دبلوماسياً في العالم العربي.
السياسات المستقبلية: التحديات والفرص
من الواضح أن بيزشكيان ملتزم بمواصلة طريق الوفاق مع الجيران العرب، لكنه لن يتمكن من التصرف بشكل مستقل عن المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يهيمن عليه الحرس الثوري الإيراني، ودون موافقة نهائية من خامنئي. كما أن العلاقات المتوترة مع إسرائيل والولايات المتحدة قد تشكل سياسات إيران في المستقبل. في حال تمددت الحرب في غزة إلى لبنان، وإذا سارعت إيران لمساعدة حزب الله، فقد تتورط واشنطن في مواجهة مباشرة مع طهران.
استهداف المنشآت الدولية: سيناريو محتمل
في الماضي، استهدف النظام الإيراني وحلفاؤه منشآت الشحن والنفط الدولية ردًا على محاولات إدارة ترامب السابقة خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر. وعلى الرغم من الإشارات الإيجابية للدكتور بيزشكيان، فإن استئناف مثل هذه السياسة يعد احتمالًا واضحًا في حالة حدوث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة.
الالتزام بالدبلوماسية والبناء
باختصار، يبدو أن بيزشكيان ملتزم بالتوصل إلى حل تفاوضي للأزمة النووية والانخراط في تعاون بناء مع الدول العربية. ومن المرجح أيضًا أن يعيد دبلوماسيين أكفاء إلى الحكومة لفرض سياساته. ومع ذلك، فإن سلوك إيران قد يتغير تبعاً لحالة علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة. وعلى الرغم من حسن نوايا الرئيس المنتخب، فإنه قد يجد نفسه متورطاً في نفس أزمات السياسة الخارجية التي واجهها أسلافه.