تقع قرية البسايسة بالقرب من الزقازيق في محافظة الشرقية، وتُعد أول قرية في مصر تعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية في تلبية احتياجاتها من الكهرباء. جميع أسطح منازل القرية مغطاة ببطاريات طاقة شمسية، تولد الكهرباء لتشغيل كافة الأجهزة الكهربائية وإنارة الشوارع. هذا التحول الجذري جعل البسايسة رائدة في استخدام الموارد الطبيعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة.
الابتكار في توليد البيوجاز
لم تكتفِ البسايسة بالطاقة الشمسية فقط، بل كانت من أولى القرى التي تبنت فكرة توليد البيوجاز من خلال إعادة تدوير المخلفات الصلبة وروث الحيوانات. هذا الابتكار سمح لأهالي القرية بالتخلص من النفايات الملوثة واستغلالها في إنتاج الغاز الطبيعي، مما أسهم في تقليل الاعتماد على الغاز التقليدي المرتفع الثمن وتوفير بديل اقتصادي وصديق للبيئة.
التنمية المستدامة والبيئة
من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية وتوليد البيوجاز، أصبحت البسايسة نموذجًا يُحتذى به في تحقيق التنمية المستدامة. القرية لم تكتفِ بذلك، بل قامت أيضًا بزراعة أسطح المنازل وإنشاء العديد من الورش في مجالات النجارة والسجاد والمشغولات اليدوية، مما أسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي والقضاء على البطالة والأمية بين سكانها.
الدور الريادي للدكتور صلاح عرفة
يُعد الأستاذ الدكتور صلاح عرفة، أستاذ الفيزياء بالجامعة الأمريكية وعالم الطاقة المتجددة، العقل المدبر وراء نجاح قرية البسايسة. كانت له رؤية واضحة في نقل المعرفة وتطبيقها عمليًا، حيث قال: “العالم الحقيقي ليس من يعرف، بل من يعلم وينقل هذه المعرفة”.
كان الدكتور صلاح عرفة أول من أدخل الطاقة الشمسية إلى مصر وأسس أول محطة لتوليد الطاقة الشمسية في قرية البسايسة في السبعينات. كما عمل على إعادة تدوير المخلفات لإنتاج البيوجاز، مما أسهم في تحسين مستوى معيشة أهل القرية وتعليمهم كيفية الاعتماد على أنفسهم.
تحسين حياة أهل القرية
الدكتور صلاح عرفة لم يكن فقط عالماً، بل كان أيضاً مصلحاً اجتماعياً، حيث كان يقوم بزيارات أسبوعية للقرية للاستماع إلى مشاكل سكانها والعمل على حلها. بفضل جهوده، تم بناء أول وحدة لتدوير المخلفات الزراعية ووحدات بيوجاز من مخلفات الحيوانات. كما ساهم في تمكين الشباب والمرأة الريفية ومحاربة الأمية، مما حول القرية من قرية فقيرة إلى نموذج للقرية الصديقة للبيئة.
خلاصة: نموذج للاكتفاء الذاتي
قرية البسايسة وعالمها الكبير الدكتور صلاح عرفة قدما نموذجاً ملهماً في تحقيق التنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي من الطاقة والغاز. ما حققته البسايسة منذ أكثر من خمسين عاماً يُعد إنجازاً مبهراً لا يزال يُلهم الكثيرين في السعي نحو مجتمع مستدام وصديق للبيئة.