صورة مصر البهية فى (٣٠ يونيو) تجسدت فى منصة (٣ يوليو) العالية، مصر برزت على العالم كتلة صلبة قوية نافذة، صاحبة قرار، قرارها من رأس شعبها وإرادته الحرة، معلنة سقوط دولة الإخوان.
صورة صدمت رئاسات دول عظمى وأجهزة مخابرات عتيدة، وأسقطت مخططات إرهابية رهيبة، صورة سجلها التاريخ بحروف من نور.
يصدق من شعر «أبوالقاسم الشابى» وصف بليغ: «إذا الشّعبُ يَوْمًا أرَادَ الحَيَاةَ/ فلابد أن يستجيب القدر».. وبالمثل نقول إذا الشّعبُ المصرى يَوْمًا أرَادَ الخلاص..
وكان النداء الصاخب الزاعق الصاعد من حناجر شوارع المحروسة فى وجه العالم: «يسقط يسقط حكم المرشد»، ولم تصمد عصابة الإخوان، كَأَنهم لم يلبثوا إلا ساعة أمام طوفان المصريين الذى انداح سيلًا عرمًا يكنس قاذورات الإخوان والتابعين.
ثورة (٣٠ يونيو) رسمت صورة (٣ يوليو)، ولولا (٣٠ يونيو) ما كانت منصة (٣ يوليو)، لذا دأب المرجفون من السياسيين المخاتلين الذين كانوا يختانون أنفسهم فى المضاجع الإخوانية، ذهبوا فى خطة ممنهجة للخداع السياسى تقوم على الفصل بين الصورتين البهيتين.
وتوفروا زمنًا ليس بالقصير على مخططاتهم الشريرة لعزل (٣ يوليو) عن نهر (٣٠ يونيو)، يراؤون (٣٠ يونيو) ويعترفون بها على مضض خشية من الشعب، ويعتبرونها غضبة أو فورة احتجاجية ما تلبث أن تهدأ وتعود مصر إلى حظيرة المرشد ولو بتحسين شروط الاستعباد.
ولكنهم وبإصرار الفجار وفجرهم ينكرون (٣ يوليو) إنكار المجرمين، وتبعهم ثلة من القومجية الملتاثين وعاصرى الليمون المخادعين، وآكلى الزيتون على موائد المرشد، وهم يعلمون علم اليقين أن ترجمة (٣٠ يونيو) فى صورة (٣ يوليو)، فإذا ما فُصل الأصل (٣٠ يونيو) عن الصورة (٣ يوليو) أصابوا هدف إجهاض (٣٠ يونيو) وهو هدف أنفق عليه الإخوان ولايزالون إنفاق من لا يخشى الفقر.
يحضرنى فى هذا مقولات إخوانية خبيثة من وجوه ملونة زعمت (مدنية) وخدعت رهطًا ليس يسيرًا من (النخب المدنية)، اصطلح على وصفهم بـ«عاصرو الليمون»، ورسمت حدًا موهومًا بين (٣٠ يونيو) باعتبارها ثورة (رغمًا عن أنوفهم الفطساء)، و(٣ يوليو) كترجمة أمينة لمقرارت هذه الثورة.
لسان حالهم المتلعثم (٣٠ يونيو) حركة شعبية، ولكن (٣ يوليو) حركة فوقية، وكأنه كان من المفروض الشعب يخرج فى ثورة على حكم المرشد ويُسقط رئيس الإخوان ويهدى ثورته إلى عاصرى الليمون ليشربوا بثمنها لبنًا دافئًا قبل النوم فى سرير المرشد مجددًا.
برزوا قبلها خائنين لروح ( ثورة ٢٥ يناير) بزواج فاسد مع إخوان الشيطان، عُقد قرانه فى فندق «فيرمونت»، وأشهروه على العالم فى مؤتمر صحفى حزين.
كان مشهدًا كئيبًا لنخبة خانت ثورتها (٢٥ يناير)، وعادت لتلوم الشعب على ثورته (٣٠ يونيو) التى أفسدت عليهم مذاق كرم الإخوان المسكر.
(٣ يوليو) رغم أنف المرجفين تاريخيًا وسياسيًا هى ترجمة أمينة لثورة (٣٠ يونيو)، ومن صعد المنصة يومها كان الشعب المصرى، وسجل الشعب حضوره فى سفرائه إلى هذه المنصة العالية التى ارتقاها قادة القوات المسلحة، ورجال القضاء، والأزهر والكنيسة، والوجوه المدنية والحزبية، الشعب المصرى يُحسن اختيار سفرائه.
برزت مصر بأطيافها فوق كل الإثنيات والجهويات والطوائف، برزت كتلة واحدة موحدة فى وجه العاصفة التى كادت تخلع أوتاد الخيمة المصرية التى غُرست كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها عالٍ فى السماء.