العبث السياسي والعسكري في قطاع غزة
تعد الاستمرارية في العناد السياسي والعسكري طمعًا في السلطة دليلاً واضحًا على الغباء في اتخاذ القرارات. إذ إن اتخاذ القرارات العسكرية والسياسية يجب أن يستند إلى تحليل دقيق لموازين القوى والموارد المتاحة، وليس مجرد ضربة حظ. قرار جماعة حماس الذي اتخذ في ليلة سوداء كان بمثابة الكارثة التي أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا والمصابين وتدمير البنية الأساسية في قطاع غزة. هذه الكارثة استندت إلى نظرية “اخطف واجري”، معتقدين أن المجتمع الدولي أو الإسرائيلي سيتعاطف معهم بعد رد الفعل، خاصة بعد استخدامهم للمدنيين كدروع بشرية.
رهانات خاطئة وعواقب وخيمة
ظنت حماس أن رهاناتها ستكون ناجحة كما حدث مع جلعاد شاليط، وأنهم سيستمرون في التمتع بمزايا السلطة. ولكن الظروف والتغيرات السياسية الدولية والمحلية كانت لها تأثير كبير على القرارات الإسرائيلية والدولية. فالقيادة السياسية الإسرائيلية التي دعمت حماس وسمحت لها بالتحرك بحرية داخل القطاع وخارجه، لم تتوقع خيانة الحركة وكانت جاهزة للرد العنيف على أفعالها. هذا الرد العنيف كشف الوجه الحقيقي للسياسات الإسرائيلية وعواقب الرهانات الخاطئة التي اتخذتها حماس.
العالم يتجاهل المعاناة
لم يحظَ قرار حماس بتعاطف دولي واسع، باستثناء بعض القلوب الرحيمة القليلة. الرحمة في الحروب أصبحت نادرة، وهذا ما يعكس قسوة النزاعات في هذا العصر. القصص الحقيقية من الحروب، مثل قصة الضابط المصري الذي فقد حياته أثناء محاولته تأمين خروج آمن لأحد معتصمي النهضة، تذكرنا بأن الرحمة غالبًا ما تكون مجرد كلمات على الورق وليست فعلًا في الواقع.
دعوة للمحاسبة: ضرورة محاكمة حماس
يجب محاكمة جماعة حماس على قراراتها الخاطئة التي أدت إلى هذا الوضع المأساوي. العناد والطمع في السلطة أسفرا عن تدمير قطاع غزة وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني. من الضروري أن يكون التقييم العقلاني للقرارات المصيرية هو أساس العمل السياسي والعسكري، وليس المغامرات غير المحسوبة التي تؤدي إلى كوارث إنسانية وسياسية. المسؤولية تقع على عاتق جميع القوى السياسية والعسكرية للتحلي بالحكمة والرؤية الواضحة لضمان أن يكون السلام والاستقرار هما الهدف النهائي والأسمى.
الدروس المستفادة وسبل المستقبل
إن الأحداث الأخيرة في قطاع غزة تقدم لنا دروسًا عديدة حول أهمية الحكمة في اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية. يجب على القوى السياسية في المنطقة أن تتعلم من هذه الأخطاء وأن تسعى إلى تحقيق السلام من خلال الحوار والتفاوض الدبلوماسي، بدلاً من الاعتماد على القوة والعنف. فالمستقبل يعتمد على القدرة على بناء جسور السلام والتفاهم بين الشعوب لتحقيق الاستقرار الدائم والتنمية المستدامة.
نهاية الطريق: البحث عن حل دائم
إن البحث عن حل دائم للصراع في قطاع غزة يتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لإيجاد طريق نحو السلام. على الجميع أن يدرك أن العناد السياسي والعسكري لا يمكن أن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والمعاناة. الحلول الدائمة تأتي من الحوار البناء والتفاهم المتبادل، والعمل الجماعي لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.